المقام فالقاطع فيه يكون قطاعا لكن لا إشكال (1) في سماع شهادته لأنها ليست بأدون من الشهادة المستندة إلى عدم العلم والأصل لكن لا تعارض بينة الاثبات قطعا إلا أن تسند علمها إلى السبب المتعارف كأن تدعي علمها بكون الميت خصيا هذا ويظهر من بعض مشايخنا عدم سماع الشهادة على وجه عدم العلم واشتراط الشهادة على النفي واقعا وسيجئ ما فيه.
ثم إنه لا إشكال في اشتراط الخبرة في البينة في المقام كنظايره مثل مسألة التقويم وغيرها لفحوى ما دل على وجوب التبين في خبر الفاسق لان الفسق ربما لا يقتضي الكذب لحصوله بغيره من المعاصي وهذا بخلاف عدم الخبرة في أمثال المقام فإنه يوجب الوقوع في خلاف الواقع كثيرا ما يكون مثل خبر الكذوب في كثرة مخالفة الواقع.
فمما ذكرنا يظهر فساد ما ربما يظهر عن بعض المشايخ من الحكم بعدم اشتراط الخبرة لاغناء اشتراط العدالة عنه حيث قال ودعوى المفروغية من الاجتزاء بشهادة ذي الخبرة بنفي العلم محل منع وإن جزم به في الدروس كدعوى المفروغية من عدم قبول شهادة غير ذي الخبرة بالنفي على وجه القطع بل هو في الحقيقة قدح في الشاهد العدل فالتحقيق حينئذ الاكتفاء بالشهادة بالنفي من العدل مطلقا وعدم الاكتفاء بها إذا كانت بنفي العلم كذلك إلا إذا أريد من عدم العلم النفي فيما يعلم فإنها شهادة بالنفي حينئذ انتهى كلامه.
وأنت خبير بما فيه لان ما ذكره أخيرا يرجع إلى ما تقدم منه غير مرة من الاشكال في صدق الشهادة على الشهادة على نفي العلم وقد عرفت أيضا في طي كلماتنا السابقة وجوه فساده وأما ما ذكره أولا من أن اشتراط الخبرة قدح في الشاهد العدل ففيه ان الاخبار بعدم العلم بالوارث بل وبالنفي واقعا عن علم به وإن كان في غير محله مع عدم الخبرة لا ينافي العدالة أصلا وما ذكرنا من عدم السماع بدون الخبرة إنما هو بالنسبة إلى تكليف الحاكم والقاضي ومن هنا ذكروا في شرايط قبول خبر المخبر الضبط مع اشتراطهم العدالة.
ثم إنه يظهر من شيخنا الشهيد في المسالك وقوع الخلاف في معنى البينة الكاملة حيث قال واعلم أنه قد اختلف عبارات الأصحاب في معنى البينة الكاملة ها هنا فمقتضى عبارة المصنف والأكثر ان المراد بها ذات الخبرة والمعرفة بأحوال الميت سواء شهدت بأنها لا تعلم وارثا غيرهما أم لا وحينئذ تنقسم إلى ما يثبت بها حق المدعي بأن تشهد بنفي وارث غيره وإلى غيره وهي التي لا تشهد بذلك ويوجد في كلام بعضهم وبه صرح في الدروس ان المراد بالكاملة ذات الخبرة كذلك مع شهادتها بنفي وارث ولو بعدم العلم بغيره فانتفاء الكمال يحصل بانتفاء الخبرة والشهادة بنفي العلم أو أحدهما ولكل وجه لان الكمال أمر إضافي فيصدق بهما وإن كان الأول أبعد حملا للكمال على ما يثبت به الحق وهو لا يثبت انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه.
وأنت خبير بأنه ليس هنا نزاع معنوي يترتب عليه أثر بل إنما هو نزاع على تقديره في اللحاظ والاعتبار فإن بعضهم لاحظ الكمال بالنسبة إلى شرايط قبول البينة مع قطع النظر عن المدعي وبعضهم لاحظ ان المدعي لما كان هو كونه وارثا وغيره ليس بوارث كما يشهد له ظاهر عنوانهم فالبينة الكاملة من يشهد بالجزأين والناقصة من يشهد بأحدهما فصار الامر بنظر المعتبر هذا كله فيما لو أقام المدعي بينة على ما أدعاه