نعم لو تعلق علم الحاكم في الزمان السابق بما يكون نافعا في الدعوى وملزما على المدعى عليه كما إذا تعلق بسبب الاشتغال أو الاقرار منه أو الاشتراء منه أيضا إلى غير ذلك كان القضاء به بضميمة الاستصحاب جائزة كالقضاء بالبينة التي تشهد بهذا الامر كما عرفت تفصيل القول فيه وبالجملة علم الحاكم بالملكية السابقة كالبينة عليها فيما يجوز القضاء به وما لا يجوز به لا كالبينة على الملكية الحالية ولو كانت مستندة إلى الاستصحاب.
فإن قلت لو كان الامر كما ذكرت من عدم اعتبار اليد فيما لو علم بخلافها في السابق مع معارضة من علم بكون ما في اليد ملكه سابقا بل المعتبر حينئذ الاستصحاب فلا بد من أن يحكم الحاكم في الصورة فيما لو كان عالما بإقامة البينة على ذي اليد لا على المدعى لأن المفروض ان الأصل الذي يرجع إليه في العمل هو الاستصحاب المطابق لقول المدعي لا اليد المطابقة لقول ذيها فتنقلب الدعوى بمجرد علم الحاكم مع أنه لم يعهد من أحد الالتزام به.
قلت لا ملازمة بين جواز العمل بالاستصحاب في الواقع وترتيب أحكام ملك المدعى على ما يعلم بملكيته له سابقا في الصورة وبين جواز إلزام ذي اليد بالبينة لأن المفروض عدم حجية العلم على ذي اليد وعدم ايجابه شيئا عليه حتى يصح رفع أحكام يده بالنظر إلى ما يرد عليه فالزام ذي اليد بالبينة مع عدم قيام حجة عليه كالقضاء عليه في الفرض المزبور وإن هذا إلا كالبينة على الملكية السابقة فإنها وإن لم يجز القضا بها من حيث عدم كونها حجة على المدعى عليه إلا أنه يجوز العمل بمقتضاها للحاكم وغيره أيضا لو قلنا بثبوت ما دل بالعموم على وجوب تصديق البينة في اعمال النفس وإن لم تكن مطابقة للدعوى فتعمل بها بضميمة الاستصحاب في زمان الدعوى ويحكم بأن الأصل مع المدعي إذ لا فرق في جريان الاستصحاب بين ثبوت المستصحب في الزمان السابق بالعلم أو بما هو قائم مقامه مع أنك لا تحكم بقلب الدعوى فيها وإن أبيت إلا عن ثبوت الفرق بينهما أو الالتزام بالاشكال المزبور فيهما بأن تقول ان تشخيص المدعي والمنكر إنما هو بالنظر إلى نظر الحاكم من حيث كون قول أحد المتداعيين مخالفا للأصل الذي يجب العمل به باعتقاد الحاكم أو موافقا له فلا نتحاشى من الالتزام بالقلب في المقام والله العالم بحقايق الاحكام.
وحاصل ما ذكرنا من أول المسألة إلى هنا انه لو لم يكن هناك علم سابق على خلاف اليد أو كان ولم يكن هناك معارضة ممن يعلم بسبق ملكه فلا إشكال في الالتزام بمقتضى اليد والعمل عليها مع دعوى ذي اليد الملك أو تصرفه فيه تصرف الملاك في الصورتين كما أنه لا إشكال في عدم جواز العمل عليها لو كان هناك علم سابق على خلافها مع دعوى المالك السابق ومعارضته بل العمل حينئذ على الاستصحاب.
وأما لو لم يكن في الصورتين الأوليين دعوى الملكية من ذي اليد ولا التصرف منه تصرف الملاك بل كان مجرد اليد ففي العمل بها إشكال لعدم دليل يمكن الركون إليه لكون اليد في نفسها دليل الملك لأنه ليس ما يصلح له إلا إطلاق صدر رواية الحفص وإطلاق قوله في الموثقة من استولى على شئ منه الذي هو بمنزلة القاعدة الكلية وهما لا يصلحان له ولا يجوز التمسك بهما بعد البناء على عدم جواز العمل باليد في صورة المعارضة ممن يعلم بملكيته في السابق.
أما الأول فلان الظاهر منه الاختصاص بما إذا لم يعلم سبق الملك لغير ذي اليد أصلا كما يشهد به قوله فلعله لغيره فإن الظاهر منه عدم العلم بسبق الملك للغير أصلا فلو سلم فإنما هو في الغير الغير المعين لا فيه كما لا يخفى لكل من تأمل في الرواية فلا يدل على أن مجرد اليد دليل على الملك وإن كان هناك علم سابق والقول بأن الظاهر منه عدم العلم بالمالك حال وجود اليد وإن علم به في السابق خلاف الانصاف هذا مع أنه لو كان هناك