في فساد المصالحة في القسم الأول وهو ما إذا علم المدعي بعلم المنكر بكذبه في انكاره وكونه مبنيا على العناد فهو انتفاء الشرطين الأولين لحرمة الحلف في الفرض لنفس الحالف وحرمة إلزام المدعي إياه عليه أيضا لكونه إلزاما على فعل الحرام ومعاونة عليه وهو حرام بالأدلة الأربعة.
وأما الوجه في فسادها في القسم الثاني فهو انتفاء الشرط الثالث لفرض علم المدعي بعلم المنكر بصدقه في انكاره فالحلف عليه حلف على الحق فهو حسنة للحالف لا يترتب عليه نفع للمدعي من حصول الاطمينان والتشفي وغيرهما من الفوائد اللهم إلا أن يفرض له فائدة.
وأما الوجه في فسادها في القسم الثالث فهو انتفاء الشرطين الأولين أيضا لفرض جهل المنكر في علم المدعي فلا يجوز له الحلف ولا لغيره إلزامه عليه لما تقدم.
وأما الوجه في فسادها في القسم الرابع فهو عدم احرازه جميع الشروط فيه لتردد حلفه بالفرض بين ما لا نفع فيه للمدعي وبين ما يكون حراما قطعا لأنه لا يخلو إما أن يكون صادقا في اعتقاده أو كاذبا أو شاكا وعلى التقدير الأول لا نفع للمدعي في حلفه وعلى التقديرين الأخيرين يحرم حلفه فيعلم المدعي إجمالا بانتفاء شرط العوض في المصالحة فكيف يجوز الحكم بصحة هذه المصالحة التي يعلم المصالح بانتفاء شرطها.
فإن قلت حصول العلم إجمالا بكون الحالف صادقا في اعتقاده أو كاذبا بحسب الواقع لا يقدح في تحقق الإباحة ظاهرا وفي نظر المدعي وحصول نفع للمدعي من حلفه وتعلق غرض منه عليه إما عدم قدحه في تحقق الأول فظاهر لان الأصل إباحة الحلف له والأصل في فعل المسلم أن يحمل على الصحة فيحكم من جهتهما بكون الحلف مباحا للحالف فيجوز لغيره إلزامه عليه بمقتضى المصالحة وإنما لم يحكم بتحققه في - القسم الأول من حيث فرض العلم بكونه كاذبا فيعلم بحرمته عليه فلا بمعنى لحمل فعله على الصحة المأخوذ فيه شك الحامل في فساد فعل الفاعل وأما حصول الثاني فلاحتمال كذبه في حلفه في نظر المدعي فيحصل له التشفي الذي جعل حكمة لأصل تشريع اليمين بالنسبة إلى المدعي.
نعم لا يمكن حصول التشفي بعد العلم بصدقه فباحتمال الصدق يتحقق الأول وباحتمال الكذب يحصل الثاني فبنفس الشك وتردد حلف الحالف في نظر المدعي بين الامرين يحصل الشرطان فكيف يمكن الحكم بكونه مانعا من تحققهما وعدم تحققهما في صورة العلم بأحد الامرين إنما هو من جهة العلم فلا يمكن قياس صورة الشك عليها.
قلت نمنع من إمكان الحكم بإباحة الحلف وترتب نفع عليه في الصورة المفروضة مستندا إلى ما ذكر من الوجود والأدلة لفسادها وعدم نهوضها للدلالة أما أصالة البراءة والإباحة ففيها انه ليس هنا دليل يدل على اعتبارها في فعل الغير لا من العقل ولا من النقل كما لا يخفى لمن راجع إليها فالحكم بإباحة الحلف للمنكر من جهة أصالة البراءة لا يخلو من تأمل فتأمل وأما أصالة فعل المسلم على الصحة ففيها انها إنما تجري فيما إذا صدر فعل المسلم وشك في صحته وفساده وإباحته لا فيما إذا شك في أصل جواز الفعل له وأريد إلزامه به فتأمل هذا مضافا إلى أنه لو كان هناك دليل يدل على إباحة الحلف للحالف فلا يترتب نفع عليه من حصول التشفي و غيره هكذا ذكر الأستاذ العلامة دام ظله ولي فيه نظر لان حصول التشفي وعدمه إنما هما مبنيان على جواز - الحلف للحالف وعدمه بالنظر إلى حال الحالف فيما بينه وبين الله فحكمنا بإباحة الحلف له من جهة حمل فعل