مطلقاتها على المقيدات يستفاد منها مطلبان اجماعيان أحدهما حصول الملكية المطلقة والاختصاص التام بعد عدم الوصية والدين ثانيهما عدم حصولها فيما إذا وجدا أحدهما ومن المعلوم أن كلا من هذين قد انعقد الاجماع عليه وأنما الخلاف في الانتقال المتزلزل فيما إذا وجد أحدهما والآيات ساكتة عنه.
فتحصل من جميع ما ذكرنا أنه لا دلالة للآيات على أحد القولين ومنه يظهر الجواب أيضا عن الاستدلال بالروايات المطلقة للقول بالانتقال وبالروايات المقيدة للقول بعدمه فان جميعها ظاهرة في نفي الاختصاص التام.
فأن قلت ليس جميع الروايات والآيات مشتملة على لفظة اللام حتى يقال بأنها ظاهرة في الاختصاص التام بل في جملة منها إثبات الإرث ونفيه من دون اشتمالها على اللام أصلا كما لا يخفى لمن تتبع فيها كما في قوله يبدأ بالكفن ثم الدين ثم الوصية ثم الإرث فيمكن الاستدلال بها حينئذ على أحد القولين.
قلت الظاهر من لفظ الإرث فيها ليس هو الانتقال كما قد يتخيل بل هو الاخذ الفعلي على وجه الإرث كما يقال ورثة المال أي أخذه منه على وجه الإرث فهو مساوق للمعنى للفظة اللام الواردة في أكثرها.
فأن قلت لو كانت لفظة اللام ظاهرة في الاختصاص التام والملك المطلق فما معنى ما ورد في بعض الروايات كما سيجئ الإشارة إليه من أنه أن لم يمتنع الوارث من أداء الدين فله والا فللغرماء.
قلت ظهور اللام في الاختصاص التام الغير المنفك عن الملك المطلق إذا وقعت في حيز نسبته إلى الانسان (الديان خ) مدفوع بقيام الاجماع على خلافه لأنك قد عرفت قيام الاجماع على عدم انتقال التركة إلى الديان فالاختصاص المراد من الرواية ليس هو الاختصاص الملكي بل الاختصاص الانتفاعي فيكون الثابت للوارث فيه أيضا ذلك فهو أيضا لا ينتفع لاحد فتبين من جميع ما ذكرنا أن الاستدلال بالعمومات بجعل اللام فيها لمطلق التملك كما صدر عن بعض المشايخ فاسد جدا.
الثاني دليل العقل وتمسك به جماعة من المتقدمين والمتأخرين منهم العلامة في التذكرة وقد أشرنا إليه أجمالا في طي كلماتنا وبيانه على وجه التوضيح والتفصيل أنه لا يخلو أما أن تقول في الفرض ببقاء التركة على ملك المالك أو تقول بانتقالها إلى الغرماء أو تقول بانتقالها إلى الورثة أو تقول بأنها ملك لا مالك لها فأن قلت بالأول فقد خالفت العقل المستقل الحاكم بعدم قابلية الميت لقيام الملكية به من حيث كونه داخلا في الجمادات ومالكية الجماد وتسلطه عقلا غير معقول لأنه لا أولوية له على المسلط عليه فتأمل مضافا إلى أنه لم يقل أحد ببقاء التركة في ملك المالك حقيقة حسبما عرفت تفصيل القول فيه في تأسيس الأصل وأن قلت بالثاني فقد خالفت الاجماع المنعقد على عدم انتقال التركة إلى الغرماء وأن قلت بالرابع فقد خالفت أيضا العقل الحاكم باستحالة كون الشئ مملوكا ولا مالك له فتعين الثالث وهو المطلوب وقد ذكر الأستاذ العلامة انه لو فرضنا ظهورا فيما استدلوا به على عدم الانتقال لا مكن صرفه بهذا الدليل ولي فيه تأمل لعله يأتي الإشارة إلى وجهه.
فأن قلت أن هنا قسما خامسا وهو أن تكون التركة ملكا ومالا لكن لا بالملكية والمالية الفعلية القائمة بالملاكين التي عبارة عن السلطنة الفعلية والعلقة القائمتين بالمالك حتى يقال بامتناع كون التركة ملكا لا مالك له بل الملكية الشأنية والمالية التقديرية نظير المباحات (على تقدير الحيازة خ) غاية الأمر أن الشارع هنا قدم الورثة بالنسبة إلى جميع الناس لو فرض ارتفاع الدين أما براءة من الغريم أو أداء من الوارث أو المتبرع