المسلم على الصحة لا يجوز الحلف له بالنظر إلى تكليف نفسه لو كان عالما بكذبه أو كان شاكا فيه فاحتمال - الحرمة له لو كان مبطلا باق في صورة الشك فيحصل التشفي منه على تقدير كذبه في اعتقاده وبالجملة لا دخل لحديث الحكم بحلية الفعل في نظر الغير للحكم بحليته في نظر الفاعل الذي هو علم بحاله والتشفي مبني على احتمال الحرمة بالنظر إلى تكليفه فيما بينه وبين الله وهذا لا ينافي كوننا مأمورين بحمل فعله على الصحة والجواز كما لا يخفى هذا مضافا إلى إمكان أن يقال إن أدلة البراءة وإن لم يجر بالنسبة إلى الحالف لكن لا مانع من جريانها بالنسبة إلى المدعى فيحكم بإباحة إلزامه للمنكر بالحلف اللهم إلا أن يقال جواز إلزامه متفرع على جواز الحلف للحالف فما لم يثبت جوازه ولو بالأصل لا يمكن اثبات جواز إلزامه فتأمل هذا.
ويظهر من الفاضل القمي قدس سره في بعض كلام له متعلق بالمقام في أجوبة مسائله ان الوجه في عدم جواز الحكم بالجواز في صورة الشك هو عدم حصول الظن للمدعي بالجواز من الأصل بناء منه على ما بنى عليه الامر في جميع الأصول والامارات من كون اعتبارها من باب الظن الشخصي حيث قال بعد الحكم بفساد - المصالحة المفروضة مستندا إلى ما أشرنا إليه من لزوم احراز الإباحة في العوض ما هذا لفظه وحينئذ نقول إن كان المدعى عليه مشغول الذمة في الواقع فيمينه حرام فلا يجوز الصلح عليه وإن كان بريئا فهو وإن كان يجوز له حينئذ لكن لا بد في عقد الصلح من معرفة الجواز وعدم الجواز ولا علم للمدعي بالجواز لاحتمال عدمه ولا معنى لأصالة الجواز لتساوي الاحتمالين بل رجحان الحرمة لان الراجح عند المدعي هو اشتغال ذمة المدعى عليه فيكون حلفه حراما ظاهرا ومعرفة المدعى عليه جوازها لعلمه ببرائة ذمته عما يدعيه في بعض - الأحيان لا تنفع في تصحيح المصالحة مطلقا ومن جانب المدعى انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه وهو كما ترى ظاهر في أن المستند في عدم جواز الحكم بالجواز عدم حصول الظن بصدق المدعى عليه فلا يحصل الظن من أصالة الجواز حينئذ حتى يحكم بجوازه ولهذا حكم بالحرمة ظاهرا كما ترى من جهة الظن بكذبه وهذان - الحكمان منه كما ترى مما لم أعلم بذهاب أحد إليهما سيما في حكمه بالحرمة من جهة رجحان كذبه في نظر المدعي فإن من يقول بحجية مطلق الظن في الفروع لا يقول بحجيته في الموضوعات الخارجية سيما في مثل المقام والفاضل المذكور وإن بنى الامر في الأصول على حجية مطلق الظن حتى في الموضوعات الخارجية أيضا لكني كنت معتقدا انه لا يمشي على هذا المنوال في الفروع هذا كله بالنظر إلى عدم إمكان الحكم بالإباحة في الصورة المفروضة.
وأما عدم ترتب النفع والفائدة على الحلف في الصورة المفروضة فلانه وإن احتمل كذب المنكر في حلفه فيصيبه ما يصيبه فيحصل التشفي للمدعي إلا أن مجرد احتمال هذا لا يخرج المعاوضة عما لا يقدم عليها العقلاء ولا يترتب لهم عليها نفع مقصود معتد به إلا أن يقال إن بنائهم في خصوص الصلح على المسامحة فيتسامحون فيها بما لا يتسامحون في غيرها بل أصل وضع الصلح عندهم للمسامحة فلهذا تراهم يصالحون كثيرا من الأموال التي تبلغ قيمتها ألف دينار بدينار بل بدرهم فيجوز أن يحكم بالاكتفاء في الصلح بما لا يكتفى به في غيره من عقود المعاوضة فتأمل حتى لا يختلط عليك الامر.
فإن قلت لو كان إلزام المنكر بالحلف فيما حكمت بحرمته من صورة العلم بكذبه أو الشك فيه حراما لأنه إلزام بالقبيح وإعانة عليه كذلك اذن المدعي ورضائه بحلف المنكر فيما كان كاذبا لا بد أن يكون معصية وقبيحا مع اتفاقهم على اشتراط اذن المدعي ورضائه في حلف المنكر بحيث لو استحلفه الحاكم بدون