بيمينه فله أن يحلف ويوري في ذلك انتهى وفي النافع حلف موريا وفي القواعد ويجب التورية على العارف بها وفي اللمعة يحلف عليه فيوري وقريب منه في شرحها وفي جامع المقاصد في باب المكاسب يجب التورية بما يخرجه عن الكذب وأنت إذا رجعت إلى كلماتهم تجدها منادية بما ذكرنا.
ثم إن حاصل ما يمكن أن يجعل وجها لما صاروا إليه من لزوم التورية وجهان أحدهما ما عرفت الإشارة إليه من أن الكذب حرام ولم يحصل الاضطرار إليه مع القدرة على التورية فيدخل تحت العمومات ثانيهما ما أشار إليه الأستاذ العلامة في أثناء المباحثة وذكره في المكاسب من أن قبح الكذب عقلي فلا يسوغ إلا مع تحقق عنوان حسن في ضمنه يغلب حسنه على قبحه ويتوقف تحققه على الاضطرار إليه ومعلوم انه لا اضطرار مع القدرة على التورية هذا حاصل ما يذكر في المقام لتوجيه مذهب المشهور ولكن يمكن الجواب عن الوجهين بأن الدليل على جواز الكذب لو كان نفس الاضطرار إليه والاكراه به لتوجه المنع عليه بأن موضوع الاضطرار والاكراه لا يتحقق مع القدرة على التورية ولكن الامر ليس كذلك بل الدليل عليه اطلاق ما ورد من الاخبار المجوزة للحلف كاذبا إذا كان الحالف محقا و معه لا عبرة بالوجهين.
فبالحري أن نذكر برهة من تلك الأخبار حتى يزول ببركتها كل شبهة حدثت أو تحدث في هذا المضمار فمنها رواية السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) احلف بالله كاذبا ونج أخاك من القتل.
ومنها صحيحة إسماعيل بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضاء عليه السلام سئلته عن رجل يخاف على ماله من السلطان فيحلف له لينجو به منه قال لا بأس وسئلته هل يحلف الرجل على مال أخيه كما يحلف على مال نفسه قال نعم.
ومنها ما في الفقيه قال قال الصادق (عليه السلام) اليمين على وجهين إلى أن قال فأما اليمين التي يوجر عليها الرجل إذا حلف كاذبا ولم يلزمه الكفارة فهو أن يحلف الرجل في خلاص أمرأ مسلم أو خلاص ماله من متعد يتعدى عليه من لص أو غيره.
ومنها رواية سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) إذا حلف الرجل لا يضره إذا أكره واضطر إليه وقال ليس شئ مما حرم الله إلا وقد أحله لمن اضطر إليه.
ومنها ما ورد ان الحلف كاذبا للرجل إذا كان محقا أحلى من العسل إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في هذا الباب ولا ريب في ظهورها فيما ذكرنا.
وحملها على صورة عدم القدرة على التورية والعجز عنها مضافا إلى أنه تقييد من دون مقيد حمل على الفرد النادر وكيف يصار إليه مع أنه لو كان معتبرا لأشير إليه في تلك الأخبار الكثيرة المجوزة للحلف كاذبا مع الخوف والاكراه خصوصا في قضية عمار وأبويه حيث أكرهوا على الكفر فأبى أبواه وقتلا وأظهر لهم عمار ما أرادوا فجاء باكيا إلى رسول الله فنزلت الآية من كفر بالله من بعد ايمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله إن عادوا عليك فعدولهم ينبهه على التورية أصلا.
فإن قلت رفع اليد عن اطلاقات تلك الأخبار ليس من دون مقيد يقضي به بل المقيد موجود وهو حكم العقل المستقل بقبح الكذب وعدم جواز ارتكابه ما لم يضطر إليه وقد عرفت غير مرة انه مع القدرة على