والمستأجر انها خمسة وأقام المستأجر بينة على كونها خمسة تسمع منه لان سماع البينة منه من هذه الحيثية ليس من حيث انكاره بل من حيث اثباته وان استلزم نفيا يكون منكرا بملاحظته فحينئذ نقول إن معنى قوله البينة على المدعي الرواية أن المنكر من حيث انكاره لا تسمع منه البينة أصلا ولا يكتفى منه إلا باليمين ولكن لو كان لما يدعيه جهة ثبوتية كما فيما ذكر من المثال وما نحن فيه حيث إنك قد عرفت أن الاعسار مركب من أمر وجودي وعدمي لا مانع من سماع البينة منه بالنسبة إليها بل الرواية حينئذ تدل على سماع البينة منه بالنسبة إليها لما قد عرفت من كونه من هذه الحيثية مدعيا فالرواية حينئذ من الأدلة على ما اخترنا من سماع البينة من المنكر فإنا لا نقول بل لم يقل أحد يعتد به بسماع البينة من المنكر إذا كان نافيا محضا بل المراد من سماع البينة منه هو ما إذا كان مثبتا في الجملة وإن كان نافيا في الجملة أيضا هذا.
ولكن يرد على ما ذكرنا من البيان إشكالان أحدهما ان هذا البيان مناف لما ذكرته في معنى الرواية مستشهدا بالامارات المذكورة من كون ايجاب اليمين على المنكر من جهة التخفيف لا التعيين لأنه يقتضي سماع البينة من المنكر ولو من حيث انكاره ثانيهما ان لازم ما ذكرنا من البيان الاحتياج إلى اليمين أيضا فيما لو كان للانكار جهتان وجودية وعدمية فعلى المنكر البينة من الجهة الأولى واليمين من الجهة الثانية والمقصود اثبات البينة للمنكر بحيث تغني عن اليمين وإلا لزم كون البينة لغوا لدلالة الاجماع والاخبار على كفاية اليمين من المنكر مستقلا فانضمام البينة إليها كالحجر الموضوع في جنب الانسان فالمقصود من القول بسماع البينة منه سقوط اليمين عنه معها كما لا يخفى وقد عرفت أن الرواية بالبيان المذكور لا تدل على ذلك بل تدل على خلافه فالقول بحمل الرواية على ظاهرها وعدم التصرف فيها أصلا مع القول بسماع البينة من المنكر بالمعنى المتنازع فيه لا يصغى إليه هذا.
ولكن يمكن الجواب عن الاشكالين أما عن الأول فبأن ما ذكرنا من الجواب والبيان ثانيا من حمل الرواية على ظاهرها إنما هو مع قطع النظر عما ذكرنا أولا من كون الامر في طرف المنكر مبنيا على التخفيف وأما عن الثاني فبأن جميع أقسام الانكار يرجع إلى أربعة انكار يرجع إلى وجودي فقط كما في قول ذي اليد في مقام الدعوى حسبما صرح به جماعة من كونه منكرا وبينته بينة الداخل وانكار يرجع إلى عدمي كذلك كما في كثير من الموارد وانكار يرجع إلى وجودي مسبب من العدم في الخارج كما في ادعاء الاعسار فإن تحقق الاعسار في الخارج من جهة عدم المال واليسار المعتبر فيه مفهوما وإنكار يرجع إلى أمر وجودي وعدمي غير منفك أحدهما عن الآخر إما من جهة اللزوم أو التقارن ومعلوم ان ما يرد عليه الاشكال المذكور هو القسمان الأخيران من الانكار وأما الأولان فلا يرد عليهما إشكال أصلا إذ نحكم في الأول بسماع البينة على ما اخترناه من سماع البينة من المنكر بالبيان المذكور وفي الثاني باليمين على ما ذكرنا من عدم سماع البينة من المنكر إذا كان الانكار نفيا فقط فنقول في التفصي عن الاشكال بالنسبة إلى القسمين الأخيرين أما عن الأول فبأن معنى الحكم بثبوت الامر الوجودي في هذا القسم هو الحكم بتحقق ما هو سبب له وهو الامر العدمي لان معنى الحكم بتحقق المسبب هو الحكم بتحقق السبب فهو يتحقق باثبات مسببه من غير احتياج إلى اثباته باليمين كما أن معنى الحكم بتحقق العدم بمقتضى اليمين هو الحكم بتحقق الوجود المسبب عنه من غير احتياج إلى إقامة البينة في طرفه وهذا أمر واضح لا سترة فيه أصلا وأما عن الثاني فبأن عدم الانفكاك بينهما إن كان من جهة المقارنة الاتفاقية فلا إشكال في الاحتياج إلى اليمين في طرف العدم لو أريد اثباته ونحن نلتزم بذلك أيضا