أولى بل المتعين بالنسبة إلى الجواب المذكور كما لا يخفى وأنت إذا تتبعت كلماتهم في الفروع الفقهية تجدها ناطقة بسماع البينة عندهم من المنكر في الجملة فراجع وتتبع.
ثم إنه قد يتمسك لما قويناه من سماع البينة من المنكر بحسب القاعدة بوجهين آخرين أحدهما العمومات والاطلاقات الدالة على حجية البينة والحكم بها مطلقا وفيه أنه على تقدير تسليمها لا تنفع في مقام المقاومة لما أقامه الخصم نعم لو تعارض الأدلة من الطرفين وتكافئت لتعين الرجوع إليها على فرض تسليمها إما لكونها مرجحة لما وافقها أو مرجعا بعد تساقطها ولعل مراد المستدل بها أيضا يكون ذلك ثانيهما الاخبار - الواردة من الأئمة المدعى دلالتها على المدعى وهي طائفتان إحديهما ما ورد في تقديم بينة الداخل إذا تعارضت مع بينة الخارج وهي اخبار سيأتي ذكرها في تعارض البينتين والجواب عنها ثانيتهما ما ورد في غير ذلك وهي أيضا اخبار إلا انا نقتصر على ذكر بعضها فمنها ما رواه الكليني في الصحيح عن حماد بن عثمان قال بينما عيسى بن موسى في داره التي بالمسعى تشرف على المسعى إذ رأى أبا الحسن موسى (عليه السلام) مقبلا من المروة على بغلة فأمر ابن صباح رجلا من همدان منقطعا عليه أن يتعلق بلجامه ويدعى البغلة فأتاه فتعلق باللجام وادعى البلغة فثنى أبو الحسن رجله وتنزل عنها وقال (عليه السلام) لغلمانه خذوا سرجها وادفعوها إليه فقال والسرج أيضا لي فقال (عليه السلام) كذبت عندنا البينة بأنه سرج محمد بن علي (عليه السلام) وأما البغلة اشتريناها منذ قريب وأنت أعلم وما قلت الحديث وجه الدلالة ان تكذيب الإمام (عليه السلام) لمدعي السرج بأن عندنا البينة مع كونه (عليه السلام) منكرا يدل على سماع البينة من - المنكر وإلا معنى لما ذكره وهذا وإن لم يكن في مقام المرافعة إلا أنه مع ذلك يدل على سماع البينة من المنكر.
ومنها ما روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث فدك ان أمير المؤمنين (عليه السلام) قال لأبي بكر أتحكم فينا بخلاف حكم الله في المسلمين قال لا قال فإن كان في يد المسلمين شئ يملكونه ثم ادعيت أنا فيه ممن تسئل - البينة قال إياك كنت أسأل البينة على ما تدعيه على المسلمين قال (عليه السلام) فإذا كان في يدي شئ فادعى فيه المسلمون سألني فيه البينة على ما في يدي وقد ملكته في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبعده ولم تسئل المؤمنين على ما ادعوا كما سئلتني البينة على ما ادعيت عليهم إلى أن قال وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) البينة على من ادعى واليمين على من أنكر ورواه الطبرسي في الاحتجاج وجه الدلالة انه لو كان إقامة البينة للمنكر بلا فائدة وغير مجوزة أصلا لكان ينبغي له أن يجادل به مع أبي بكر فإن المقام مقام ذلك بل هو المتعين كما لا يخفى وقد يستدل برواية صفى بن غياث ورواية العلل أيضا.
وأنت إذا تأملت في هذه الروايات علمت عدم دلالتها على المدعى سيما رواية فدك بل يظهر للمتأمل فيها باعتقادي القاصر كون دلالتها على خلاف المدعى أظهر فإن الظاهر من قوله (عليه السلام) أتحكم فينا بخلاف حكم الله في المسلمين الخ انه لا يجوز طلب البينة من المنكر بل محله اليمين ليس إلا سيما بملاحظة قوله (عليه السلام) أخيرا وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) البينة على من ادعى الخ هذا ولكن يمكن أن يقال إن مراده (عليه السلام) من الرد عليه انما هو من جهة تعيينه البينة عليه (عليه السلام) والحال ان للمنكر الحلف بالله لكنه أيضا خلاف الظاهر فتأمل حتى لا يختلط عليك الامر فإن كلماتهم مضطربة في المسألة غاية الاضطراب هذا محصل ما ذكره الأستاذ العلامة من الجواب عن - الاشكال الأول.
وأما ما ذكره في الجواب عن الاشكال الثاني فوجهان أحدهما أن يقال بعدم الاحتياج إلى اليمين في