من الاشكال.
وقد ذكر في دفعه ما يرجع حاصله إلى أن الحكم بجواز التقاص في المسألة المفروضة لا ينافي ما اجمعوا عليه ودل عليه الاخبار من عدم جواز التقاص بعد الحلف ولو كان حلفا فاجرا لان ما ذكروه من عدم جواز التقاص بعد يمين المنكر إنما هو فيما إذا كان التقاص تكذيبا ليمين المنكر ورفعا لليد عنه بحسب الواقع من حيث كونه منافيا لاحترام اليمين الذي صار سببا لرفع اليد عن عموم ما دل على جواز التقاص والذي دل - الاخبار على عدم جوازه أيضا هو هذا لا غير ومعلوم ان أخذ البايع العبد الذي أنكر المشتري وقوع البيع عليه في صورة الاختلاف في المثمن ليس تكذيبا ليمينه على عدم وقوع العقد عليه بل هو عين العمل بها وتصديقا لان مقتضى تصديق المشتري الذي يحلف على عدم وقوع العقد على العبد وكونه باقيا على ملك البايع هو أخذه والتصرف فيه وإن كان يعتقد كونه مالا للمشتري وكذا أخذ المشتري مئة دينار في الصورة المفروضة ليس تكذيبا ليمين البايع على عدم وقوع بيع الجارية عليها بل هو عين العمل بها وإن كان تكذيبا لدعواه وهو كونه مالا له عوضا عن العبد لكنه ليس تكذيبا لانكاره الذي وقع عليه اليمين وهو عدم كونها مالا له عوضا عن الجارية بل أخذه بهذا الاعتبار عين العمل بيمينه وهكذا الامر فيما إذا كان اختلافهما في الثمن فإن تصرف المشتري في مئة درهم وأخذها تقاصا لا يكون تكذيبا ليمين البايع بل هو عين العمل بها لحلفه على عدم وقوع العقد عليها وبقائها على ملك المشتري وكذا تصرف البايع في الجارية ليس تكذيبا ليمين المشتري لحلفه على عدم شرائها بمئة دينار بل مقتضى هذه اليمين ان الجارية لم تنتقل إليه بهذا الثمن أصلا فالتصرف فيها ليس تكذيبا ليمينه وإن كان تكذيبا لدعواه انها انتقلت إليه عوضا عن مئة درهم لكنه لم يحلف على هذه الدعوى بل حلف على انكاره انتقالها إليه بمئة دينار.
والحاصل ان الموجود في المقام من كل من المدعي والمنكر شيئان ادعاء وانكار وأخذ كل منهما لمال الآخر وإن كانت تكذيبا لدعواه في بعض الصور إلا أنه ليس تكذيبا ليمينه والحال فيما نحن فيه نظير ما لو اختلفا في أصل وقوع البيع على جارية مثلا فكما أن تصرف البايع في الجارية تقاصا بعد حلف المشتري على عدم شرائها ليس تكذيبا ليمين المشتري بل عين العمل عليها فكذا الحال فيما نحن فيه فإن انكار كل منهما للبيع الخاص في الفرض كانكار المشتري البيع في الفرض المذكور فيبقى عموم ما دل على جواز التقاص باقيا على حاله لان الذي قد خصص بالنسبة إليه بالنص والاجماع إنما هو التقاص الذي كان منافيا لليمين وتكذيبا لها وأما التقاص الذي لم يكن تكذيبا ليمين المنكر بل كان تصديقا لها فلم يخصص بالنسبة إليه أصلا وهو باق بالنسبة إليه جزما بل قد ذكر شيخنا الأستاذ دام ظله انه لو لم يكن هناك ما دل على جواز التقاص عموما وكان باقيا على حسب الأصل الأولى من أصالة الحرمة لأمكن القول بجوازه بل وجوبه فيما نحن فيه من جهة ما دل على تصديق اليمين ولي فيه تأمل خصوصا في بعض الصور فتأمل.
ثم إنه إن كان كل من الثمن والمثمن مساويا للآخر فلا إشكال وأما إذا كانا مختلفين فهل يجب على من عنده الزيادة دفعها على القول بالانفساخ الظاهري أو لا يجب وجهان بل قولان أوجههما أولهما للأصل بعد عدم جريان أدلة التقاص بالنسبة إلى الزايد حسبما هو المفروض ومستند الثاني كونها مالا لا يدعيه أحد فيجوز التصرف فيه لأصالة الإباحة.
وفيه أن مجرد عدم الادعاء لا يصير دليلا على الجواز بعد القطع بكونه مالا للمنكر بل الأصل حينئذ