فلا يعتنى مع هذا الظهور باحتمال البقاء في الواقع ولكن يمكن الخدشة في هذا الوجه على اطلاقه بملاحظة ما ذكرنا سابقا من التفصيل وقد أورد عليهم جماعة أيضا بعدم استقامة هذا التفصيل لان مع قيام البينة ان جاز الاعتناء باحتمال وجود المال في الواقع لوجب الحكم بانضمام اليمين في المقامين وإلا كما هو مقتضى قول جماعة لا وجه للقول بالانضمام في المقامين أيضا هذا وقد ذكر بعض وجها لما ذكره المصنف والجماعة من التفصيل مدعيا ان مرادهم ذلك لا بأس بالإشارة إليه وهو انه بعدما شهدت البينة على الاعسار يصير قول المدعي ظاهرا والظاهر معه فينقلب منكرا وعليه اليمين بمقتضى العمومات والاطلاقات.
وفيه أولا انه مبني على تفسير المنكر بأنه من يدعي الظاهر والمدعي من يدعي خلافه وثانيا سلمنا كون المراد من المدعي والمنكر ما ذكره إلا أن من المعلوم لكل أحد ان مرادهم من الظهور والخلاف إنما هو بالنسبة إلى نفس الدعوى مع قطع النظر عن شئ خارج بمعنى ان من يكون نفس دعواه مخالفا للظاهر فهو المدعي كما في دعوى الزوج عدم المهر أصلا أو أقل من مهر المثل بناء على كونه مخالفا للظاهر ودعوى المشتري نقص الكيل أو الوزن مع كونه حاضرا حين الكيل والوزن ومن يكون نفس دعواه موافقا للظاهر فهو المنكر كالزوجة والبايع في المثالين المذكورين وثالثا انه لو بنى على ذلك لجرى بعينه في الشهادة على التلف لان بعد إقامة البينة يصير مدعي التلف قوله موافقا للظاهر ومنكره مخالفا له كما لا يخفى فهذا التوجيه مما لا ينبغي أن يصغى إلى أصلا وقد يوجه أيضا بوجه آخر يقف عليه المراجع إلى كلماتهم فأحسن التوجيه هو ما ذكرنا هذا آخر ما أردنا ذكره في المسألة وهو العامل بحقايق الأشياء.
ثم إنه بقي هنا أمرو ينبغي التنبيه عليها.
الأول انه بعد ما ثبت اعسار المدعي له إما بالبينة أو اليمين فلا إشكال بل لا خلاف ظاهرا في عدم جواز حبسه للأصل والآية والرواية إلا عن الصدوق حيث إنه أثبت الحبس فيما إذا صرف ما استدانه في المعصية ومستنده ضعيف لا يليق بالذكر.
الثاني انه بعد ما قلنا بعدم جواز الحبس فهل يسلم إلى الغرماء ليستعملوه أو يواجروه أم لا وجوه بل أقوال مقتضى الأصل والآية وأشهر الروايتين عدم التسليم وذهب الشيخ في النهاية إلى الأول استنادا إلى رواية السكوني عن الصادق (عليه السلام) ان عليا (عليه السلام) كان يحبس في الدين ثم ينظر إن كان له مال أعطى الغرماء وإن لم يكن له مال دفعه إلى الغرماء فيقول لهم اصنعوا به ما شئتم إن شئتم أجروه وإن شئتم استعملوه وهذه الرواية مع ضعفها معارضة بالآية ورواية غياث ورواية الأصبغ ورواية داود المذكورة في التهذيب في باب القضاء الدالة صريحة على خلافها فراجع وفصل ابن حمزة فقال إذا ثبت اعساره خلى سبيله إن لم يكن ذا حرقة يكسب بها وإلا دفعه إليهم ليستعملوه فيها وتمسك في ذلك برواية السكوني المتقدمة وهي مع ما فيها أعم من مدعاه.
الثالث انه بعدما قلنا بعدم جواز التسليم يجب عليه التكسب في قضاء الدين أو لا يجب عليه ذلك بل إذا تكسب وفضل معه من المؤنة وجب صرفه في قضاء الدين قولان ذهب جماعة منهم المصنف إلى الثاني والأكثر إلى الأول وهو الحق لكونه قادرا على وفاء الدين فيجب عليه واستدل المصنف والجماعة بظاهر الآية وهي غير ظاهرة كما لا يخفى على ذوي البصيرة لان غاية ما تدل عليه هو عدم جواز مطالبة الداين إلا بعد