فجمعهم النبي (ص) في سوقهم، وقال لهم: (يا معشر يهود، احذروا من الله مثل ما نزل بقريش من النقمة، وأسلموا، فإنكم قد عرفتم أني نبي مرسل، تجدون ذلك في كتابكم، وعهد الله إليكم).
قالوا: (يا محمد، انك ترى أنا قومك؟! ولا يغرنك أنك لقيت قوما لاعلم لهم بالحرب، فأصبت لهم فرصة. انا والله، لو حاربناك، لتعلمن أنا نحن الناس).
فأنزل الله تعالى: (قل للذين كفروا ستغلبون..) إلى قوله:
﴿لعبرة لاولي الابصار﴾ (١) وقوله: ﴿واما تخافن من قوم خيانة، فانبذ إليهم على سواء﴾ (2). كذا يقول المؤرخون.
فتحصن بنو قينقاع في حصونهم، فاستخلف (ص) على المدينة أبا لبابة، وسار إليهم، ولواؤه الأبيض (أو راية العقاب السوداء) يحمله أمير المؤمنين (عليه السلام).
(وقولهم: بيد حمزة ينافيه ما تقدم وسيأتي من الأدلة الكثيرة على أن عليا (ع) كان صاحب لواء رسول الله (ص) في كل مشهد).
وحاصرهم النبي (ص) خمس عشرة ليلة، ابتداء من النصف من شوال السنة الثانية، أو في صفر سنة 3، (وهو بعيد بملاحظة: أنهم انما غضبوا من انتصار المسلمين في غزوة بدر).
وقذف الله في قلوبهم الرعب، وكانوا أربعمائة حاسر، وثلاثمائة دارع، فسألوا رسول الله (ص): أن يخلي سبيلهم، ويجليهم عن المدينة، وأن لهم نساءهم والذرية، وله الأموال والسلاح. فقبل (ص) منهم، وفعل بهم ذلك، وأخذ أموالهم وأسلحتهم، وفرقها بين المسلمين، بعد أن