منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٣ - الصفحة ٣٢
في مقام الامتثال، بل ربما قيل بأن الاطلاق (1) انما هو للاتكال على الوضوح، إذ بدونها (2) يلزم التكليف بالمحال. ولكن التحقيق مع
____________________
(1) أي: عدم تقييدهم في العنوان بالمندوحة.
(2) أي: بدون المندوحة يلزم التكليف بالمحال، لعدم القدرة على الفعل والترك معا.
يجري النزاع في اعتبار المندوحة على القول بتعلقه بالافراد أيضا، إذ لا تفاوت بين القولين إلا في دخل خصوصيات الافراد في الطلب، و وقوعها في حيزه، وذلك لا يوجب اختصاص النزاع بكون الطلب متعلقا بالطبائع، لان الافراد على القولين مأمور بها، غاية الامر أن خصوصيات الافراد مطلوبة على القول بتعلق الطلب بالافراد، وغير مطلوبة على القول الاخر. لكن بعض المحشين (قده) خص نزاع اعتبار المندوحة وعدمه بالقول بتعلق الطلب بالطبائع، وقال في وجهه ما لفظه: (وذلك لأنه على القول بتعلقه بالافراد لا نعقل المندوحة، لان الافراد المتداخلة التي سرى إليها الامر من جانب و النهي من آخر لا مندوحة فيها، ومجرد وجود أفراد أخر مأمور بها مثلها يمكن امتثال الامر التخييري بإتيانها لا يصح المندوحة في هذه الافراد وطلبها).
وأنت خبير بأن تعلق الطلب بالفرد ليس معناه عزل الطبيعة رأسا عن موضوعيتها للطلب، بل معناه تركب متعلق الطلب من الطبيعة و لوازمها الوجودية المقومة لفردية الفرد. وعليه، فيمكن تعلق الطلب بفرد خال عن الحزازة الموجبة لتعلق النهي به، ويمكن تعلقه بفرد مشتمل على الحزازة كذلك، وتتحقق المندوحة بالفرد الخالي عن الحزازة. وقد نقلنا عين العبارة لتنظر فيها لعلك تستظهر منها ما يلائم مقصوده.