منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٣ - الصفحة ٢٩٩
والحاصل: أن استدلالهم قديما وحديثا بالنواهي المتعلقة بالعبادات والمعاملات على الفساد ليس لأجل دلالتها على الحرمة، ودعوى التلازم بينها وبين الفساد، بل لأجل ظهور تلك النواهي في المانعية المنافية للصحة.
وأما ما عن الشيخ الأعظم (قده) من: (أن الظاهر من النهي المتعلق بعبادة خاصة أو معاملة خاصة كونه ناظرا إلى العمومات المشرعة لها تأسيسا أو إمضاء، فيكون بمنزلة المقيد أو المخصص لها، فإذا قال الله تعالى: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم) أو ورد في الخبر النهي عن بيع الغرر أو نحو ذلك علم منه إرادة التخصيص للعمومات الدالة على صحة النكاح والبيع ونحوهما من المعاملات وهكذا الامر في العبادات) ففيه: أنه ليس وجها مستقلا في قبال سائر الوجوه، لتوقفه على كون النهي للارشاد.
وأما إذا كان مولويا، فلا يستفاد منه الفساد الا بعد ثبوت الملازمة بينه و بين الحرمة، وقد عرفت إجمالا منعها في المعاملات. نعم لا بأس بدعوى الملازمة المزبورة في العبادات، حيث إن المبغوضية لا تجتمع مع المحبوبية، كما لا تجتمع المقربية والمبعدية.
فتفرق العبادات عن المعاملات في أن النهي في العبادات سواء أ كان مولويا أم إرشاديا يدل على الفساد. بخلاف النهي في المعاملات، فان المولوي منه لا يدل على ذلك، لتوقفه على ثبوت الملازمة بين الحرمة والفساد، فالدال على فسادها هو النهي الارشادي.
نعم إذا تعلق النهي المولوي بالآثار المترتبة على المعاملات بحيث يمتنع