البيان من جميع الجهات، وسيأتي الكلام فيه. فانتظر.
ثم إنه وقع الكلام في أن مجرى مقدمات الحكمة هل هو المراد الاستعمالي أو المراد الجدي الواقعي؟. فهل تجري في تنقيح المراد الاستعمالي بمعنى ما قصد المتكلم تفهيمه للمخاطب واحضاره من المعنى في ذهن السامع لا ما اراده من نفس اللفظ - فلا يرد حينئذ بأنه لا معنى لان يكون المراد الاستعمالي هو المطلق لعدم استعمال اللفظ فيه قطعا، بل هو مستعمل في معناه وهو الطبيعة -؟ أو تجري في تنقيح المراد الواقعي، وبيان ان المراد جدا هو المطلق؟. الذي ذهب إليه صاحب الكفاية هو الأول (1). خلافا للشيخ (رحمه الله) حيث ذهب إلى الثاني (2).
وتبعه عليه المحقق النائيني (3).
ولا تخفى ثمرة هذا الخلاف العملية، حيث تظهر في موارد البحث عن انقلاب النسبة، إذ المقيد المنفصل لا يخل بظهور المطلق في الاطلاق على رأي صاحب الكفاية، بل يزاحمه في مقام الحجية.
ولكنه يخل باطلاق المطلق على رأي الشيخ، لكشفه عن تقيد المراد الجدي وعدم اطلاقه.
وقد استشهد صاحب الكفاية على مدعاه: بان ما ذهب إليه الشيخ يلازم عدم امكان التمسك بالمطلقات إذا قيدت بقيد منفصل، لأنه يكشف عن عدم كون المتكلم في مقام البيان في كلامه، فتنهدم أولى المقدمات بو رود المقيد المنفصل، وهذا اللازم باطل إذ لا يلتزم به أحد، فيكشف عن بطلان المبني الذي يبتني عليه (4).