معنى للأسبقية ههنا.
نعم يقدم الأهم من الملاكين لو كانت مرتبة الأهمية بمقدار يلزم تحصيله.
واما ما نسب إلى صاحب الكفاية من حصر التزاحم الاصطلاحي في التزاحم بين المقتضيين، فلا وجه له ولا دليل عليه من كلامه أصلا، بل هو صرح في مبحث مقدمة الواجب بالتزاحم بين الحكمين كما لا ظهور في كلامه في جعله صورة التزاحم بين المقتضيين من مصاديق التزاحم المصطلح. وقد ذكرنا ذلك في أول المبحث. فراجع.
هذا تمام الكلام في مبحث التزاحم ونعود بعد ذلك إلى البحث في ما يرتبط بموضوع الكلام - أعني: " اجتماع الأمر والنهي " -. وقد عرفت أن البحث قبل الدخول في صلب الموضوع يقع في جهات تقدم الكلام في جملة منها.
وبقي الكلام في الجهة الأخيرة: وهي ما تعرض إليها صاحب الكفاية في الامر العاشر، ومقصود صاحب الكفاية من ذلك بيان بعض الشئ من ثمرة البحث المزبور كما أن مقصوده أيضا بيان ثمرة ما ذكره في الامرين الثامن والتاسع.
وتوضيح ذلك: انه لو تعارض دليلان أحدهما يقتضي وجوب شئ والاخر يقتضي حرمته، وكان بينهما عموم من وجه، وتقدم دليل التحريم، لا يكون الاتيان بالعمل صحيحا ولا يتحقق به سقوط الامر، بل يقع محرما مطلقا علم به أو جهل، كان الجهل عن قصور أو تقصير، وهذا أمر لا يختلف فيه اثنان وفي الوقت نفسه يذهب المشهور إلى صحة الصلاة في الدار المغصوبة مع الجهل قصورا بالحكم مع القول بالامتناع، وتقديم جانب النهي، فان هذه الفتوى بظاهرها مناقضة لما تقدم من بنائهم في باب التعارض، إذ على الامتناع لا يفترق الحال عن باب التعارض، بل يكون المورد من مصاديق التعارض، فكيف يلتزم هنا بصحة الاتيان بالمجمع مع الجهل بالتحريم قصورا ولا يلتزم به في باب التعارض؟!،