الوجه الثالث من وجوه الاطلاق: ما ذكره في الكفاية أيضا من التمسك باطلاق الشرط في نفي البدل والعدل، كالتمسك باطلاق الوجوب لاثبات كونه تعيينيا في قبال كونه تخييريا. بيان ذلك: انه كما أن الوجوب التخييري يحتاج إلى مؤنة بيان، وهو ان يقال هذا أو ذاك واجب، بخلاف الوجوب التعييني فإنه لا يحتاج إلى بيان ذلك، ولأجل ذلك ينفى التخييري بالاطلاق ويثبت به التعييني، كذلك العلية غير المنحصرة تحتاج إلى بيان بان يقول مثلا: " ان جاءك زيد أو أكرمك فأكرمه "، وهذا البيان لا تحتاجه العلية المنحصرة، فمع الشك يتمسك باطلاق الكلام وينفى به البديل للشرط المذكور فيثبت انحصار العلة به، إذ لو كان غيره شرطا لبينه المتكلم بالعطف ب " أو " كما كان عليه بيان عدل الواجب لو كان له عدل.
والفرق بين هذا الوجه وسابقه واضح، فان سابقه يحاول اثبات الانحصار من طريق اثبات ترتب الجزاء على الشرط وعدم تأثير غيره فيه لو سبقه أو قارنه.
وهذا الوجه يحاول اثبات الانحصار من طريق عدم تأثير غيره فيه لو انعدم هنا الشرط وجاء غيره. فلو لم يثبت الوجه السابق - كما تقرر - ولم يعلم انفراد تأثير الشرط وعدمه في صورة تقدم غيره عليه أو مقارنته أمكن دعوى ثبوت هذا الاطلاق واثبات الانحصار به، لاختلافهما منهجا وان اتحد نتيجة. فلاحظ.
وقد ناقش صاحب الكفاية هذا الوجه: بأنه لا وجه لقياس المقام بمقام الوجوب التعييني والتخييري، لان الوجوب التعييني يختلف نحوه وسنخه عن الوجوب التخييري، فان نحو تعلق الوجوب التعييني يختلف عن نحو تعلق الوجوب التخييري وكان الثاني يحتاج إلى بيان وجود العدل والبديل فيتمسك في نفيه بالاطلاق - ولا يختلف الحال في ذلك بين ان نلتزم بان الوجوب التخييري سنخ وجوب متعلق بكليهما أو انه متعلق بالجامع الانتزاعي فإنهما يختلفان، إذ الوجوب التخييري على الأول يقتضي ملاحظة كلا الامرين، وعلى الثاني