المصلحة جابرة لما تنتجه المفسدة، ويرجع الترك لو لم تكن جابرة بنحو كامل، ويرجح الفعل لو كانت جابرة مع زيادة. وذلك لا يعني ملاحظة قاعدة الكسر والانكسار وانحصار الامر في الكراهة أو الإرادة أو انعدامهما معا، بل هذا من قبيل ملاحظة حال المتلازمين اللذين يكون أحدهما ذا مفسدة والاخر ذا مصلحة، من عدم ترجيح أحدهما على الاخر مع انجبار المفسدة المترتبة على أحدهما، بالمصلحة المترتبة على الاخر وترجيح الغالب منهما على الاخر. بل هو نظير ملاحظة الأهم من الحكمين في مطلق موارد تزاحم الوجوب والحرمة. فتدبر.
وأما الصورة الثالثة: فهي ممتنعة لما تقدم من أن الشئ الواحد وان كان يمكن ان يشتمل على مفسدة ومصلحة، لكنه لا يمكن ان يشتمل على ما هو منشئ الإرادة والكراهة منهما وهما المصلحة الراجحة والمفسدة كذلك. وعليه فيمتنع ان تكون في الفعل مصلحة راجحة وفيه أيضا مفسدة راجحة ضمنية، لاستلزامه اجتماع وصفي الراجحية والمرجوحية في كل من المفسدة والمصلحة وهو ممتنع، وعلى هذا فيمتنع أن يكون الفعل بذاته متعلقا للكراهة الضمنية والإرادة الاستقلالية لامتناع تحقق منشئهما.
ومنه يظهر الحكم في الصورة الرابعة، فان الكلام فيها كالكلام في الثالثة بلا اختلاف.
هذا تحقيق الكلام في مسالة الاجتماع.
وقد ذكر المحقق العراقي (رحمه الله) في مقالاته في بداية البحث: أن موضوع الكلام ما كان هناك وجود واحد حقيقة ذو جهتين: إحداهما تكون متعلق الامر. والأخرى تكون متعلق النهي. ففرض وحدة الوجود في محل النزاع، وأنكر على من جعل أساس البحث كون التركيب انضماميا أو اتحاديا، لان انضمامية التركيب معناها تعدد الوجود وهو خروج عن محل البحث فإنه مما لا