وبالجملة: العموم على الالتزام الأول مستفاد من فرض الموضوع هو الطبيعة السارية، فيتأتى فيها حديث الترديد بين الاطلاق والتقييد بعد ورود التخصيص. وعلى الالتزام الاخر لم يستفد من ذلك، بل لوحظت الافراد جميعها رأسا لا بتوسط لحاظ الطبيعة بنحو السريان، فهو بمنزلة ان يقال: " جميع افراد الطبيعة المهملة "، ومن الواضح انه لا معنى لان يقال: ان جميع الافراد لوحظ اما مقيدا أو مطلقا، ولو سلمنا امكانه فقد عرفت أنه يتعين الاطلاق لا التقييد.
هذا هو تحقيق المقام، ولا اشكال لنا على كل من هؤلاء الاعلام لاختلاف مبناهم، وانما اشكالنا على من يرى ان العموم بالأداة ويقر هذه المقدمة للوجه المزبور. فلاحظ.
ثم إنه قد أشرنا إلى أن المحقق الأصفهاني أقام البرهان على امتناع تعنون العام بعد التخصيص بعنوان زائد على عنوان العام.
وبيانه: ان موضوع البعث الحقيقي الموجود بوجود منشأ انتزاعه لا مقام له سوى مقام الانشاء، فما يكون موضوعا للحكم في البعث الانشائي يكون هو الموضوع للبعث الحقيقي، لان الانشاء انما يكون بداعي جعل الداعي، ويستحيل الانشاء بداعي بجعل الداعي إلى غير ما تعلق به، فانشاء الحكم المتعلق بالصلاة يستحيل أن يكون داعيا للصوم، كما أن انشاء الحكم المتعلق باكرام العالم يستحيل أن يكون داعيا لاكرام غيره.
وعليه، فبما ان الحكم المنشأ بالدليل العام أنشئ على الموضوع العام، فيستحيل ان يتقيد بورود المخصص بقيد آخر لاستلزامه اختلاف موضوع البعث الانشائي عن موضوع البعث الحقيقي، وقد عرفت أنه ممتنع. وقد ذكر بعد ذلك: بان يشهد لما ذكرنا مضافا إلى البرهان، ان المخصص إذا كان مثل:
" لا تكرم زيدا العالم " لا يوجب إلا قصر الحكم على ما عداه، لا على المعنون