مع عدمها لا أمر بالطبيعة كي يقصد لانحصارها بالفرد المزاحم.
وهكذا يختلف الحال لو التزم بما التزم به بعض المتأخرين من عدم التزاحم بين الموسع والمضيق (1) - خلافا لما هو المعروف بين المتقدمين، فان مثالهم للتزاحم غالبا ما يكون بتزاحم الامر بالصلاة والامر بإزالة النجاسة عن المسجد، مع أنهما من الموسع والمضيق -، إذ مع وجود المندوحة لا يتحقق التزاحم، ومع عدمها يقع التزاحم لعدم كون الامر أمرا بالموسع، بل بخصوص الفرد المزاحم لانحصار الواجب به.
فظهر مما ذكرنا أن التقييد بالمندوحة انما يظهر أثره على الوجهين الأخيرين، فأثره على الوجه الذي تبناه الكركي تصحيح العبادة بقصد الامر، وعلى الوجه الاخر تعلق الامر بها واجتماعه مع النهي لعدم التزاحم. وهذان الوجهان خصوصا الأخير مما لا أثر لهما في كلمات الأقدمين، فكيف يفرض أخذ المندوحة في عنوان النزاع الذي نحن فيه وكون اهماله اعتمادا على وضوحه؟!.
فالحق إذن في جانب الكفاية، ولكن بالبيان الذي ذكرناه لا ببيانه المزبور، فإنه لا يخلو عن مناقشة كما عرفت.
الجهة الثامنة: في بيان ارتباط المسألة بمسألة تعلق الاحكام بالطبائع أو الافراد.
ذكر صاحب الكفاية (رحمه الله): انه قد ادعي انه لا نزاع على القول بتعلق الاحكام بالافراد. وانما النزاع يبتني على الالتزام بتعلقها بالطبائع. كما أنه ادعى بان القول بالجواز يبتني على الالتزام بتعلق الاحكام بالطبائع والقول بالامتناع يبتني على الالتزام بتعلقها بالافراد. ومنشأ كلا الدعويين ان الفرد عبارة عن الوجود الواحد الشخصي. ومن الواضح ان تعلق الحكمين بواحد شخصي