الشيئين، فإنه ظاهر في نفي الزكاة ثانيا بعد ثوبتها أولا، فان مفاده ان المال لما ثبتت فيه الزكاة أولا لم تثبت فيه مرة أخرى في عام واحد، فيكون ثبوتها أولا رافعا لموضوع ثبوتها ثانيا، فينطبق التزاحم على ما نحن فيه، لأنه كما عرفت بلحاظ رافعية أحد الحكمين لموضوع الاخر وهي متحققة. ومن هنا ظهر تقديم الأسبق لأنه رافع لموضوع المتأخر ولا عكس. فقد اتضح بهذا البيان ان دعوى المحقق النائيني ليست بدعوى غريبة، وهي وان توقفت على الاستظهار الذي عرفته من أدلة نفي تكرر الزكاة لا على استظهار كون الدليل المذكور يفيد نفي اجتماعهما فيه، إلا أنها تكون متجهة بوجاهة هذا الاستظهار واحتماله ولا تكون بعيدة كما ادعي. وان كان المختار ان المورد ليس من موارد التزاحم، وتحقيقه موكول إلى محله من الفقه كما حررناه سابقا في كتاب الزكاة.
ويقع الكلام بعد ذلك في مرجحات باب التزاحم التي يحكم بها العقل، بخلاف مرجحات باب التعارض، فان المرجع فيها هو المولى نفسه وهذه هي جهة الفرق بين البابين في الحاكم بالتقديم والتخيير. كما أن الفرق بين البابين في جهة التقديم فهي محل الكلام، إذ تقديم أحد المتعارضين على الاخر يكون بأقوائية الدلالة والسند بالشهرة أو موافقة الكتاب أو غير ذلك مما يذكر في مبحث التعارض، ويقع الخلاف هناك في تعيين بعضها دون بعض.
واما تقديم أحد المتزاحمين على الاخر، فهو بأمور مترتبة ذكرها المحقق النائيني (قدس سره) (1) وهي:
المرجح الأول: تقديم ما ليس له بدل على ما كان له بدل فيما إذا كان أحدهما له بدل والاخر ليس له بدل. وله صورتان:
الأولى: ما إذا كان لا حدهما بدل في عرضه كما إذا كان واجبا تخييريا