وانما المهم هو تحقيق البحث في تنبيه الامر السادس، الذي عقده صاحب الكفاية لتحقيق: ان الصحة هل هي من الأمور المجعولة أولا؟. وتحقيق هذا المطلب ينفعنا في جريان استصحاب الصحة مع الشك في فقدان الجزء أو حصول المانع في الشبهة الحكمية، لان الصحة إذا كانت من المجعولات الشرعية كانت مما يقبل التعبد وضعا ورفعا، فصح اجراء الأصول فيها.
وقد أفاد (قدس سره): ان الصحة في العبادة ان كانت موافقة الامر أو الشريعة - كما هي عند المتكلم - فهي من الأمور الانتزاعية، فان موافقة الامر تنتزع عن مطابقة المأتي به للمأمور به، وليست من الأمور المجعولة لا استقلالا - كما هو واضح - ولا تبعا لجعل المأمور به، إذ بجعل المأمور به لا تتحقق الموافقة ما لم يتحقق المأتي به. واما بمعنى سقوط الإعادة والقضاء - كما هي عند الفقيه -، فالوجه هو التفصيل بين المأمور به بالأمر الواقعي بالنسبة إلى أمره والمأمور به بالأمر الظاهري والاضطراري بالنسبة إلى الامر الواقعي الأولي. فان سقوط الإعادة والقضاء في الأول من اللوازم العقلية للاتيان به لحصول الغرض وسقوط الامر، فلا وجه للإعادة أو القضاء، فهي بهذا المعنى ليست حكما جعليا لا استقلاليا ولا تبعيا، كما انها ليست من الأمور الانتزاعية، بل هي امر واقعي يحكم به العقل كاستحقاق العقوبة والمثوبة الذي يحكم به العقل ويستقل به.
واما سقوطها في الثاني فقد يكون مجعولا كما لو لم يكن المأمور به الاضطراري والظاهري وافيا بملاك الواقع وأمكن تداركه فكان مقتضى القضاء أو الإعادة ثابتا فيحكم الشارع بسقوطهما في هذه الحال تحقيقا على العباد ومنة منه عليهم، كما نه قد يحكم بثبوتهما. فالصحة في هذه الصورة من الاحكام المجعولة وليست من الأوصاف الانتزاعية. لكن هذا بلحاظ طبيعي المأمور به. اما المصداق الخارجي المنطبق عليه المأمور به فالمصلحة فيه انتزاعية لا مجعولة، إذ هي تنتزع عن انطباق المأمور به على المأتي به ولم تجعل له الصحة استقلالا، نظير اتصافه