وان كان المراد اشتراط كون مجرى الاطلاق مقسما فعليا للمقيد وغيره، بمعنى انه ينقسم فعلا إليهما، ففي مورد يمتنع الانقسام الفعلي - كمورد اخذ قصد القربة في متعلق الامر بناء على امتناعه - يمتنع الاطلاق.
ان أراد هذا المعنى، فهو مما لا دليل عليه أصلا، وقد عرفت المناقشة فيه فيما تقدم من البحث عن نوع تقابل المطلق والمقيد.
ونتيجة مجموع ما ذكرناه: هو ان مقدمات الحكمة ثنائية لا ثلاثية، كما ذهب إليه المحقق صاحب الكفاية والمحقق النائيني، إذ عرفت المناقشة فيما أفاداه. فمقدمات الحكمة عبارة عن كون المتكلم في مقام البيان، وانتفاء ما يوجب التعيين.
ثم إنه قد يشكل استفادة الاطلاق من مقدمات الحكمة، وذلك باعتبار ان اللفظ موضوع للطبيعة المهملة - كما هو الفرض -، والاطلاق والتقييد خصوصيتان تردان عليها، فكما يحتاج التقييد إلى بيان زائد على اللفظ، كذلك يحتاج الاطلاق إلى البيان الزائد، لكون نسبة اللفظ إليهما على حد سواء، فلا وجه لدعوى أن عدم ذكر القيد يكشف عن إرادة الاطلاق وإلا لزم الخلف، إذ هذا يمكن عكسه فيقال: عدم ذكر الاطلاق يكشف عن إرادة المقيد وإلا لزم الخلف.
ولا يندفع هذا الاشكال إلا بدعوى ثبوت بناء عقلائي عرفي على أنه إذا كان في مقام البيان ولم يذكر القيد كان مراده الاطلاق، وبدون ذلك لا يمكن الالتزام بان هذه المقدمات تنفع في اثبات إرادة الاطلاق. فتدبر.
كما نه بشكل أيضا ما قيل في هذا الباب من: ان الاطلاق بمقدمات الحكمة لا بالوضع، هو ان كون المتكلم في مقام البيان - بمعنى عدم احراز انه في مقام جهة أخرى - مما يحتاج إليه في مطلق الظهورات حتى الوضعية، فإنه لا يمكن الاستناد إلى كلام المتكلم في تشخيص مراده ما لم يحرز انه في مقام البيان،