هذا كله فيما كان التردد في شمول الحكم العام لاجل اشتباه مفهوم الخاص.
اما إذا علم مفهومه بحدوده وشك في انطباق الخاص عليه لاجل الاشتباه الخارجي، المعبر عنه اصطلاحا بالشبهة المصداقية، فهل يصح التمسك بالعام في اثبات الحكم له أولا؟.
لا اشكال في عدم صحة التمسك به إذا كان المخصص متصلا، لما عرفت من انه يوجب انقلاب ظهور العام وانعقاده في غير عنوان الخاص، وعليه فالشك في فردية شئ للخاص يلازم الشك في انطباق العام عليه، فمع الشك في فسق شخص - مثلا - يشك في انطباق عنوان: " العالم غير الفاسق " عليه الذي هو معقد ظهور العام بعد تخصيصه بالمتصل. وهذا واضح لا كلام فيه.
وانما الكلام في ما إذا كان المخصص منفصلا، كما إذا ورد: " أكرم العلماء " ثم ورد: " لا تكرم النحويين "، وشككنا في فرد انه نحوي أولا من جهة الاشتباه الخارجي كالشك في درسه للنحو ونحو ذلك. ولا يخفى ان هذه المسألة من مهمات المسائل من جهة الأثر العملي لابتناء كثير من الفروع الفقهية عليها، ومن أمثلتها الظاهرة مسألة تنجس الماء المشكوك كونه كرا بالملاقاة، فهل يشمله عموم ما دل على نجاسة الملاقي للنجس الذي قد خرج عنه الماء الكر أولا يشمله؟.
وقد اختلف الاعلام المحققون في جواز التمسك بالعام في مثل ذلك، فمنهم من ذهب إلى جوازه مطلقا (1)، ومنهم من ذهب إلى منعه مطلقا (2)، ومنهم من ذهب إلى التفصيل، كصاحب الكفاية فإنه فصل بين ما إذا كان المخصص لفظيا،