اما حجة أبي حنيفة في انكاره مفهوم الاستثناء، فهي مثل قوله (ع): " لا صلاة الا بطهور "، إذ مقتضى مفهوم الاستثناء كون الطهور وحده صلاة دون غيره، وهو مما لا يقول به أحد.
وأجاب عنه في الكفاية بوجهين:
أحدهما: انه استعمال مع القرينة وهو لا يدل على المدعى.
ثانيهما: ان المقصود من الصلاة هو تمام الأجزاء والشرائط، والمعنى انها لا تكون صلاة الا إذا انضم إليها الطهور، فالطهور مقوم لصدق الصلاة على تمام الاجزاء لا ان الصلاة هو الطهور، إذ لم يقل لا صلاة الا لطهور وهذا واضح لا يخفى. فلا يدل على المدعى (1).
واما احتجاج من استدل عليه بكلمة التوحيد وهي: " لا إله إلا الله "، إذ كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقبلها، مع أنه لو لم تدل على الحصر ونفي الألوهية عن غيره جل اسمه لم تنفع. فقد ناقشه صاحب الكفاية: بأنه من الممكن أن يكون ظهورها في التوحيد من جهة قرينة حالية أو مقالية فلا تنفع في اثبات المفهوم (2).
ثم إنه قد أشكل على دلالة الكلمة الشريفة على التوحيد بان خبر " لا " اما ان يقدر " ممكن " أو " موجود ".
فعلى الأول لا تدل على امكان وجوده تعالى لا على وجوده فعلا، وهو لا فائدة فيه.
وعلى الثاني لا تنفي الا وجود غيره تعالى لا إمكانه، وهو أيضا لا فائدة فيه.