وقد وجهه: - بعد ما بين توجيه القول بالتداخل بوجوه ثلاثة حكم بأنها خلاف الظاهر ولا دليل على أحدها - بان ظهور الجملة الشرطية في حدوث الجزاء عند حدوث الشرط يقتضي تعدد الجزاء بتعدد الشرط، إذ وحدته تنافي ظهورها في الحدوث عند الحدوث، لان وحدة الجزاء تكشف عن عدم ذلك. كما أن ظهور الجزاء في وحدة المتعلق يقتضي وحدة الحكم عند تعدد الشرط لاستحالة تعلق الحكمين بطبيعة واحدة لاستلزامه اجتماع المثلين وهو محال، كاجتماع الضدين.
وبالجملة: فالقضية الشرطية تشتمل على ظهورين:
أحدهما: يقتضي تعدد الحكم في الجزاء.
ثانيهما: يقتضي وحدته، لكن ما يقتضي الوحدة ظهور اطلاقي وهو اطلاق المتعلق وسرايته لاي فرد ولو كان الفرد الذي يقع امتثالا للحكم الاخر.
وبما أنه معلق على عدم البيان، وكان ظهور القضية في الحدوث عند الحدوث صالحا لان يكون بيانا لما هو المراد من المطلق - لأنه ظهور وضعي غير معلق على شئ -، لم ينعقد للمطلق ظهور في الاطلاق بواسطة الظهور الاخر الوضعي، بل كان الظهور في الحدوث عند الحدوث كاشفا عن كون الحكم متعلقا بفرد آخر غير المطلوب بالحكم الاخر، فيكون حاكما علي الظهور الاطلاقي ورافعا لموضوعه.
وبذلك ذكر ان الالتزام بعدم التداخل لا يستلزم تصرفا في الظاهر، بل هو مقتضى الالتزام بالظاهر بخلاف القول بالتداخل (1).
وقد وافق المحقق النائيني (رحمه الله) صاحب الكفاية في اختيار عدم التداخل، لكن خالفه بالدليل عليه. فقد قرب (رحمه الله) دعواه بنحو آخر.