استفادة ان تحريم قول آلاف باعتبار انه أضعف افراد الايذاء، فإنه يلازم عقلا حرمة الأقوى منه من افراد الايذاء، وهو بهذه الدلالة المستلزمة عقلا لما عرفت، يتنافى مع عموم جواز ضرب الأقارب الشامل للوالدين، فان تجويز الفرد الأقوى يتنافى مع تحريم الفرد الأضعف - وإلا فلا منافاة بحسب ذات المنطوقين لاختلاف موضوعيهما -، وهكذا الحال في المثال الأول، فان دليل: " أكرم خدام الفقهاء " حيث دل على وجوب اكرامهم لارتباطهم بالفقهاء لا لخصوصية فيهم، كان دالا بالملازمة العقلية على وجوب اكرام الفقهاء ومنافيا لاجل ذلك لما دل بعمومه على حرمة اكرامهم.
وعليه، فإذا كانت المنافاة بين المنطوقين، فلا بد في تقديم أحدهما من ملاحظة الأقوى منهما والا فيتساقطان، كالدليلين الدال أحدهما على وجوب اكرام زيد والاخر على حرمته، فإنهما يتنافيان باعتبار لازمهما العقلي وهو نفي الاخر والا فمدلولاهما مختلفان.
وبالجملة: ما نحن فيه كسائر موارد المعارضة بالتبائن، فيقدم الأقوى منهما ظهورا لو كان والا تساقطا. فلاحظ.
واما ما افاده في المفهوم بالمساواة وعطفه على مفهوم الموافقة. ففيه: ان الدليل المتكفل لحكم المنطوق إذا كان يتكفل بيان التعليل، راجعا إلى بيان كلي على موضوع كلي، فالدليل يتكفل بيان حكمين أحدهما على الموضوع المنشأ بالعلة المنافي لعموم آخر لذلك العام، وإجراء القواعد المقررة المعلومة ولا وجه لفرض التعارض بين المنطوق والعام فإنه خلف الفرض، إذ الفرض عدم منافاة المنطوق بنفسه للعموم، كما لو قال: " يحرم الفقاع لأنه مسكر " ثم قال: " يجوز شرب كل ما يتخذ من العنب "، فان النسبة بينه وبين الحكم بحرمة كل مسكر العموم من وجه، ولا ينافي المنطوق بوجه كما لا يخفى.