وقد أورد عليه المقرر (دام ظله): بأنه لا وجه للتفكيك، بين قسمي المفهوم في البيان بعد أن كان حكمهما واحدا (1). ولا يخفى ان هذا الايراد ايراد أدبي لا يرتبط بواقع البحث، مع أنه لا وجه له لتعارض التفكيك في البيان لغرض الايضاح، هذا لو لم يكن التفكيك البياني من المقرر نفسه في تقريره والا فالاشكال عليه.
والذي يرد على المحقق النائيني (قدس سره) فيما افاده في مفهوم الموافقة بالأولوية: ان مفروض الكلام أولا هو عدم المنافاة بين المنطوق والعام بذاتيهما أصلا، فدعوى المدعي لتقديم المفهوم كانت على هذا الأساس، ففرضه (قدس سره) كون نسبة المنطوق إلى العام نسبة الخصوص المطلق أو العموم والخصوص من وجه خروج عن مفروض البحث، إذ التعارض فيما فرضه يكون بين المنطوق والعموم رأسا، فيتقدم عليه في الأول قهرا ويتساقطان مع عدم المرجح في الثاني.
ولا يحتاج حينئذ إلي ما أتعب به نفسه في اثبات منافاة العموم للمنطوق بالأولوية لأنه ينافيه بدلالته اللفظية ومنطوقه. فالمثال الذي يتناسب مع مفروض البحث هو ما إذا ورد: " لا تكرم العلماء " ثم ورد: " أكرم خدام الفقهاء غير العلماء " فإنه يدل بالأولوية على وجوب اكرام أسيادهم الفقهاء، مع عدم التنافي بين المنطوقين بذاتيهما أصلا، ونسبة المفهوم إلى العموم نسبة الخاص إلى العام. ومثل: " لا تقل لها اف " (2) الدال بالأولوية على حرمة ضرب الوالدين بالنسبة إلى دليل " يجوز ضرب الأقارب "، لو فرض وجوده.
وتحقيق الكلام فيه: ان التعارض يكون في الحقيقة بين المنطوق والعام، إذ دلالة مثل: " (لا تقل لهما اف) (2) عقلا على حرمة الضرب، انها تكون باعتبار