الضمير ومرجعه انما تستفاد في سائر الموارد من البناء العقلائي على مطابقة مقام الاثبات لمقام الثبوت وان المراد الاستعمالي هو المراد الجدي. فإنه إذا اتحد المراد الاستعمالي للضمير ومرجعه، فبضميمة هذا البناء العقلائي يستفاد وحدة المراد الجدي للضمير ومرجعه، وليس لدينا وراء هذا الامر أمر آخر نعبر عنه بالظهور السياقي يبني عليه العقلاء في محاوراتهم، بل لا معنى له بعد أداء نتيجته بأصل آخر عقلائي لا تشكيك فيه.
وإذا اتضح هذا المعنى فنقول: في المقام حيث يعلم بالمراد الجدي من الضمير وانه يخالف المراد الاستعمالي لو كان عاما، فلا يجري فيه الأصل العقلائي المزبور، وانما يجري في طرف العام فقط، فكانت أصالة العموم في العام محكمة ولا مزاحم لها أصلا.
والنتيجة: ان أصالة العموم جارية ولا تزاحمها أصالة عدم الاستخدام بالمعنى الأول. هذا مع ما تقدم من المحقق النائيني من أن المستعمل فيه الضمير هو العموم فلا اختلاف فيه، فالمورد أجنبي عن الاستخدام بهذا المعنى. كما عرفت أن أصالة عدم الاستخدام بالمعنى الاخر لا أساس لها. فما اختاره صاحب الكفاية هو المتبع.
ثم إن صاحب الكفاية بعد ما ذكر ما عرفته قال: " لكنه إذا عقد للكلام ظهور في العموم، بان لا يعد ما اشتمل عليه الضمير مما يكتنف به عرفا، والا فيحكم عليه بالاجمال ويرجع إلى ما يقتضيه الأصول " (1). ولم يرتضه المحقق النائيني ببيان: ان ملاك باب اكتناف الكلام بما يصلح للقرينية هو أن يكون في الكلام لفظ مجمل بحيث لو كان المتكلم متكلا عليه في بيان مراده لم يكن مخلا بالغرض، وهو غير متوفر فيما نحن فيه، إذ الجملة المشتملة على الضمير تتكفل