عموم من وجه لا يلازم دائما سقوطهما، بل قد يلتزم بتقديم أحدهما لخصوصية، كما لو كان الالتزام بتقديم أحدهما في المجمع موجبا لالغاء دخالة خصوصية أحدهما في الحكم بالمرة، كما يقال بتقديم ما دل على طهارة بول وخرء الطائر على ما دل نجاسة بول وخرء غير مأكول اللحم مع أن بينهما عموما من وجه، ببيان: ان الالتزام بنجاسة بول وخرء الطائر غير مأكول اللحم وتخصيص الطهارة بالطائر المأكول اللحم يستلزم إلغاء خصوصية دخالة الطير في الطهارة، إذ مأكول اللحم طاهر مطلقا بلا خصوصية للطير وغيره، وهو ينافي ظهور الدليل في دخالة الطير في الحكم بالطهارة الذي هو أقوى من الظهور الاطلاقي. وهذا البيان لا يتأتي لو قدم دليل طهارة بول وخرء الطير على الدليل الاخر كما لا يخفى. فيقدم هذا الدليل، لان تقديم الدليل الاخر عليه يلازم طرحه بالنسبة إلى موضوعية العنوان المأخوذ فيه.
وفيما نحن فيه يجري نظير هذا البيان، وذلك لان الدليل المشتمل على الشرط - مثلا - ظاهر في حد نفسه في دخالة الشرط في ثبوت الحكم بنحو الاجمال، وإذا انضم إليه الاطلاق الدال على نفي العدل والشريك تتم الدلالة على المفهوم. فإذا فرض تقديم العام كان ذلك ملازما لالغاء ظهور دليل المفهوم في دخالة الشرط في ثبوت الحكم، إذ العموم ينفي دخالة القيود، وهذا الظهور ليس باطلاقي كي لا يصلح لمصادمة العام.
وبالجملة: العام انما يصادم دليل المفهوم في دلالته على أصل دخالة الشرط في الحكم التي هي أسبق رتبة من دلالته على المفهوم. ودليل المفهوم بلحاظ هذه الدلالة أقوى من دلالة العام على العموم. فلاحظ.
وبهذا البيان ينحل الاشكال، ولذا لم يتوقف أحد عملا كما عرفت في تقديم دليل: " أكرم العلماء إذا كانوا عدولا " على دليل: " أكرم كل عالم ".
وبهذا البيان لا بد من تحقيق الكلام، لا بالنحو الذي سلكه في الكفاية،