وحيث إن المتصور متعدد فلا محالة يكون التصور كذلك، لما عرفت من أن تشخصه إنما هو بتشخصه، فهناك تصوران.
وأما إرادته البعث: فواضح تعددها بعدما يريد البعث إلى هذا والبعث إلى ذاك.
ومن هنا يظهر وجه تعدد البعثين.
فتوهم: أن القول بالواجب التخييري مستلزم لكون متعلق البعث الواحد مرددا بين الشيئين أو الأشياء مع وضوح استحالته، لأنه وإن كان من الأمور الاعتبارية إلا أن تعلقها بالمردد مستحيل كتعلق الأمور الحقيقية به، وهل يعقل اعتبار ملكية المردد بين الثوب والدار ونظائره؟
مدفوع: بأن ذلك كله مبني على أن يكون البعث واحدا والمبعوث إليه متعددا، مع أنك عرفت تعدد البعث حسب تعدد المبعوث إليه في الواجب التخييري.
فالتحقيق: أن الواجب التخييري ليس نحوا آخر من الوجوب وسنخا آخر من البعث، بل لا فرق بينه وبين التعييني من حيث الوجوب والبعث أصلا، غاية الأمر أنه يعتبر التعيينية والتخييرية بعد ملاحظة وحدة الواجب وتعدده، فالحق إمكان الواجب التخييري، ومعه لا مجال لرفع اليد عما ظاهره ذلك من الأدلة الشرعية والأوامر العرفية كما أنه لاتصل النوبة إلى الأقوال الكثيرة التي عرفت أن كلها مبنية على امتناع الواجب التخييري.
ثم إن ما ذكره في الكفاية: من أنه لو كان هناك غرض واحد مترتب على الشيئين أو الأشياء، فلا محالة يكون الواجب هو الجامع والقدر المشترك بينهما أو بينها، لأنه لا يمكن صدور الغرض الواحد من المتعدد بما هو متعدد، فحيث إن