أو لا تكون حراما كذلك، أو يفصل بين المقدمات التي تكون من قبيل الأسباب التوليدية فتحرم، وبين غيره فلا تحرم، أو بين المقدمة الموصلة وغيرها، أو بين ما قصد التوصل به إلى الحرام وغيره؟ وجوه يظهر ثالثها من المحقق الخراساني في الكفاية.
وحاصل ما ذكر في وجهه وجود الفرق بين مقدمات الواجب وبين مقدمات الحرام، فإنه حيث يكون المطلوب في الأول وجود المراد، وهو متوقف عليها، فلا محالة تتعلق بها الإرادة، وأما المطلوب في الثاني ترك الشئ، وهو لا يتوقف على ترك جميع المقدمات بحيث لو أتى بواحد منها لما كان متمكنا من الترك، فإنه يتمكن منه ولو أتى بجميع المقدمات، لتوسط الإرادة بينها وبينه، وهي لا يمكن أن يتعلق بها الطلب بعثا أو زجرا، لعدم كونها من الأمور الاختيارية.
نعم لو كان الفعل بحيث لم يتمكن من تركه بعد الإتيان ببعض المقدمات، لعدم توسط الإرادة بينها وبينه، تكون تلك المقدمة المترتبة عليها الفعل قهرا محرمة دون سائر المقدمات (1). انتهى ملخص ما أفاده في الكفاية.
ولكن لا يخفى أن هذا الكلام إنما يتم لو وجد في الأفعال الخارجية شئ منها تكون الإرادة متوسطة بينها وبين المقدمات بحيث يكون الموجد للفعل والمؤثر فيه نفس الإرادة من دون توقف على حصول شئ آخر بعدها مع أنا لم نظفر بمثل هذا الفعل، فإن جميع الأفعال الاختيارية يكون الجزء الأخير لحصولها غير الإرادة بمعنى أنه لا يترتب عليها الفعل بمجردها من دون توسيط بعض الأفعال الاخر أيضا، فإن تحقق الشرب في الخارج يتوقف - بعد تعلق الإرادة به - على مثل تحريك العضلات، ونحو الإناء الموجود فيه الماء مثلا