يكفيه لغسل الوجه فقط، انه لا مانع من صحة وضوئه حينئذ بالامر الترتبي فإنه يكون واجدا للماء بعد ما كان يعصى في الغرفة الثانية، والثالثة التي يتم بها الغسلات الثلاث للوضوء، فيكون امره بالوضوء نظير امره بالصلاة، إذا كان مما يستمر عصيانه للإزالة إلى آخر الصلاة إذ المصحح للامر بالصلاة انما كان من جهة حصول القدرة على كل جزء منها حال وجوده لمكان عصيان الامر بالإزالة في ذلك وتعقبه بالعصيان بالنسبة إلى الاجزاء اللاحقة.
وفى الوضوء يأتي هذا البيان أيضا إذ القدرة على كل غسلة من غسلات الوضوء تكون حاصلة عند حصول الغسلة لمكان العصيان بالتصرف في الآنية المغصوبة والعصيان في الغرفة الأولى لغسل الوجه يتعقبه العصيان في الغرفة الثانية والثالثة لغسل اليدين فيجرى في الوضوء الامر الترتبي كجريانه في الصلاة.
وأورد عليه المحقق النائيني (ره) مبتنيا على ما ذكرناه في هذا التنبيه، بأنه فرق بين باب الوضوء وباب الصلاة إذ الصلاة لا يعتبر فيها أزيد من القدرة العقلية على اجزائها المفروض حصولها باستمرار عصيان الإزالة، فلا مانع من الامر الترتبي فيها، واما في الوضوء فالقدرة المعتبرة فيه انما يكون شرعية ومما لها دخل في الملاك، ولا قدرة شرعية على الوضوء بعد ما كان موقوفا على التصرف في الآنية المفروضة ولا ملاك له حينئذ فيكون غسل الوجه بالغرفة الأولى لغوا لا اثر له فلا يجرى في الوضوء الامر الترتبي.
أقول: ما افاده صاحب الفصول خلافا للمشهور بين الأصحاب، من بطلان الوضوء في الفرض تام، وايراد المحقق النائيني (ره) عليه غير صحيح.
وذلك لأنه وان كان لا ريب في اعتبار القدرة شرعا في وجوب الوضوء، ولازمه عدم الملاك له مع عدم القدرة بخلاف موارد دخل القدرة عقلا، الا ان المعتبر هو القدرة في ظرف العمل والامتثال، ولذلك لا شبهة في أنه لو فرض تجدد القدرة التكوينية بعد كل غسلة للغسلة اللاحقة لها، كما لو كان عنده من الماء ما يكفي لغسل وجهه وشرع في الوضوء رجاءا لنزول المطر، ونزل بعد غسل الوجه وغسل يديه به، أو كان عنده ثلج يذوب شيئا فشيئا ولم يكن عنده اناء ليجمعه فيه، يجب عليه الوضوء ولا ينتقل وظيفته