في المقام ما إذا كان التضاد بين المتعلقين اتفاقيا وأما إذا كان التضاد دائميا كمثال الجهر والاخفات، لكان التنافي في مقام الجعل الذي هو الضابط للتعارض لا في مقام المجعول الذي هو الملاك في كونه من باب التزاحم، وعلى ذلك فيخرج المثال بذلك عن موضوع بحث الترتب لا محالة.
وفيه: انه فيما إذا كان التضاد دائميا بما ان التنافي في مقام الجعل ليس لعدم الملاك، بل لكون التكليفين المتعلقين بالضدين كذلك موجبا للتكليف بالمحال، وهو انما يلزم إذا كان كل منهما مطلقا، وأما إذا قيد كل منهما بعدم الاتيان بمتعلق الاخر، أو قيد أحدهما بذلك فلا يلزم التنافي بينهما، فلا محذور في الالتزام بالترتب، غاية الامر الترتب انما يكون في مقام الجعل بتقييد جعل أحد الحكمين المتعارضين بعصيان الاخر، والترتب المعنون في كلمات الفقهاء هو الترتب في مقام الفعلية بتقييد فعلية خطاب المهم بعصيان الأهم.
نعم الترتب في مقام الجعل، كما في المسألتين يمتاز عن الترتب في مقام الفعلية بأمرين: أحدهما: ان الترتب في مقام الفعلية لا يحتاج إلى دليل، بل على فرض امكانه لا بد من البناء على وقوعه كما مر تقريبه، واما الترتب في مقام الجعل، فلا يكفي امكانه في وقوعه، بل لابد من إقامة الدليل عليه، ولكن الشيخ الكبير يدعى ان الدليل قد دل على وقوعه في المسألتين، وهو الروايات الصحيحة الدالة على الصحة بضميمة ما دل على العقاب على مخالفة الواقع. الثاني: ان المأخوذ في موضوع خطاب المهم في المسألتين هو عدم الاتيان بمتعلق الاخر في حال الجهل لا مطلقا.
الثاني: انه يختص الترتب بما إذا كان للواجبين المتضادين ثالث كما تقدم، ويأتي ولا ثالث لهما في المقام: لان الجهر، والاخفات من الضدين الذين لا ثالث لهما.
وفيه: ان المأمور به هو القراءة الجهرية، أو الاخفاتية، لا الجهر والاخفات في القراءة، ومن البديهي انهما من الضدين الذين لهما ثالث وهو ترك القراءة.
الثالث: ان مورد الخطاب الترتبي هو ما إذا كان خطاب المهم مترتبا على عصيان خطاب الأهم كما في مسألة الصلاة والإزالة وهذا لا يمكن في المقام إذ المكلف ان