عليه الخطاب، تارة يكون غير اختياري كما في دلوك الشمس بالنسبة إلى الامر بالصلاة، وأخرى يكون اختياريا، وعلى الثاني قد لا يكون الخطاب الاخر المجامع معه متعرضا له، كالاستطاعة التي هي شرط لوجوب الحج في عام الاستطاعة، وقد نذر زيارة الحسين - عليه السلام - في ذلك العام فان الامر بزيارته (ع) ليس متعرضا للاستطاعة، وقد يكون الخطاب الاخر المجامع معه متعرضا له، وعلى الثاني قد يكون الحكم بنفسه معدما لذلك القيد، والشرط كما في الخطاب باخراج ناقة واحدة زكاة قبل تمام سنة الربح، فان تعلق الخطاب بنفسه يوجب خروج العين عن عنوان فاضل المؤنة الذي اخذ قيدا و موضوعا لوجب الخمس، وقد يكون بامتثاله معدما لذلك التقدير والموضوع كما فيما نحن فيه فان خطاب المهم إذا قيد بعصيان الامر بالأهم الذي هو اختياري وقابل للتصرف الشرعي، فالخطاب الاخر المجامع معه في الزمان وهو خطاب الأهم، متعرض لقيد الخطاب بالمهم، ومعدم له بامتثاله لا بنفسه، ويكون المطلوب فيه في الحقيقة هو هدم موضوع الخطاب بالمهم.
ومحل الكلام هو هذا القسم الأخير والمدعى ان توجه خطابين كذلك إلى مكلف واحد في زمان واحد لا يستلزم طلب الجمع بين المتعلقين الضدين: إذ طلب الجمع انما يكون فيما لو كان متعلق كل منهما مقيدا بحال الاتيان بالآخر - أو كان متعلق أحدهما مقيدا بذلك دون العكس - أو كان كل منهما مطلقا بالإضافة إلى امتثال الاخر. وأما إذا فرضنا ان متعلق أحدهما مقيد بعدم الاتيان بالآخر انشاءا وفعلية فهما لا يقتضيان الجمع بين الضدين، لأنه يلزم منه حينئذ اجتماع النقيضين أو الخلف وذلك لان المهم مطلوب في ظرف عدم الاتيان بالأهم، فلو فرض وجوده يلزم من فعلية الامر بالمهم اجتماع النقيضين لو التزمنا بتحقق شرطه وهو عدم الاتيان بالأهم، أو الخلف لو التزمنا بفعليته مع عدم شرطه، وكلاهما محالان، فلا محالة فعلية الخطابين بنحو الترتب لا تستلزم طلب الجمع فتدبر فإنه دقيق.