وتقدير لاحق للمتعلق بعد تعلق الخطاب به بحيث لا يكون لذلك التقدير وجود الا بعد ورود الخطاب كتقديري العلم والجهل وقد تقدم تفصيل القسمين في التعبدي والتوصلي.
الثالث: ما إذا كان الانحفاظ من جهة اقتضاء الخطاب بنفسه وضع ذلك التقدير أو رفعه يكون محفوظا في الصورتين، وهذا مختص بباب الطاعة والعصيان، فيكون انحفاظ الخطاب في حالتي الفعل والترك بنفسه وباقتضاء هوية ذاته، لا باطلاقه لحاظا أو نتيجة:
إذ لا يعقل الاطلاق والتقييد بالنسبة إلى تقديري فعل متعلق الخطاب وتركه بل يؤخذ المتعلق معرى عن حينية فعله وتركه ويلاحظ نفس ذاته، فيحمل عليه بالفعل، ان كان الخطاب وجوبيا، وبالترك ان كان الخطاب تحريميا فيكون الخطاب نحو الفعل، ان كان الخطاب وجوبيا، وبالترك ان كان الخطاب تحريميا فيكون الخطاب نحو الفعل، أو الترك نظير حمل الوجود أو العدم على شئ حيث إنه يؤخذ ذلك الشئ معرى عن الوجود والعدم إذ في حمل الوجود عليه لو قيد بالوجود لزم حمل الشئ على نفسه، ولو قيد بالعدم لزم اجتماع النقيضين، ولو أطلق لزم كلا المحذورين.
وكذا في المقام لا يمكن تقييد المتعلق بالفعل في مقام البعث إليه لاستلزامه طلب الحاصل، ولا تقييده بالترك لاستلزامه طلب الجمع بين النقيضين، ولا اطلاقه بالنسبة إلى تقديري الفعل والترك، للزوم كلا المحذورين فلابد من لحاظ المتعلق مهملا معرى عن كلا تقديري الفعل والترك فيخاطب به بعثا أو زجرا وليس فيه تقييد ولا اطلاق، لا لحاظا، ولا نتيجة، ولكن مع ذلك يكون الخطاب محفوظا في كلتا حالتي الفعل والترك، ما لم يتحقق الامتثال أو العصيان، وانحفاظ الخطاب انما يكون باقتضاء ذاته.
ويترتب على الفرق بين القسمين الأولين، والقسم الأخير من هذه الجهة أمران:
أحدهما: ان نسبته التقدير المحفوظ فيه الخطاب بالإضافة إليه في الأولين نسبة العلة إلى المعلول، اما في مورد التقييد، فلما مر من أن مرجع كل تقدير كان الخطاب مشروطا به، إلى كونه مأخوذا في موضوعه، وعرفت ان رتبة الموضوع من حكمه رتبة العلة من معلولها، واما في مورد الاطلاق فلما مر من اتحاد مرتبتي الاطلاق والتقييد، لان الاطلاق عبارة عن عدم التقييد في مورد قابل له، فإذا كانت مرتبة التقييد سابقة على مرتبة الحكم المقيد به كانت مرتبة الاطلاق أيضا كذلك، واما في القسم الأخير فنسبة التقدير المحفوظ