اما المورد الأول: فقد عرفت ان المحقق الخراساني (ره) وفاقا للمشهور، ذهب إلى صحة العبادة وخالفهم المحقق النائيني (ره) وذهب إلى بطلانها.
والحق ان يقال انه، تارة نقول بعدم اشتراط القدرة في متعلق التكليف ما لم يستلزم اللغوية كما اخترناه، أو نقول بأنه لو اعتبرنا القدرة فهو مختص بالقدرة التكوينية دون التشريعية كما هو الصحيح، فلا اشكال في صحة العبادة لفرض ان المأمور به منطبق على الفرد الماتى به في الخارج وهو المجمع، وان استلزم المعصية للنهي، لكن العبادة ليست متحدة مع الحرام، فلا يكون ارتكابه موجبا للفساد بل يكون من قبيل النظر إلى الأجنبية في الصلاة.
وأخرى نقول باعتبارها، فحينئذ ان قلنا بكفاية القدرة على بعض الافراد في تعلق الامر بالطبيعة أين ما سرت كما اختاره المحقق الثاني (ره) لا كلام في الصحة كما لا يخفى، واما بناءا على اشتراطها وعدم كفاية ذلك، واعتبار كون كل فرد مقدورا في نفسه في دخوله في حيز الامر، فيقع التزاحم بين الأمر والنهي لعدم قدرة العبد على امتثالهما معا فمع تقديم جانب النهى يسقط الامر.
وما ذكره الأستاذ الأعظم من أن حرمة ما يكون مقارنا للمأمور به لا تجعل ذلك الفرد غير مقدور ليخرج عن حيز الامر إذ عدم القدرة اما ان يكون تكوينيا أو يكون تشريعيا بتعلق النهى بذلك الشئ أو بمقدماته، وفى غير هذين الموردين لا يكون الشئ غير مقدور - وعليه - فبما ان الآيتان بفرد الطبيعة المأمور بها في ضمن المجمع لا يكون غير مقدور عقلا كما هو واضح، ولا شرعا لعدم تعلق النهى به ولا بمقدماته لعدم سراية النهى عن ملازمه إليه فلا وجه لخروجه عن حيز الامر، فلا مانع من اتيان المأمور به في ضمن المجمع بقصد امره حتى على هذا المسلك.
غير تام إذ بناءا على اعتبار القدرة، بما ان المكلف غير قادر على الاتيان بالمأمور به في ضمن المجمع وترك المنهى عنه، فلا بد من سقوط النهى أو خروج هذا الفرد عن حيز الامر، ولا يمكن بقائهما معا فإذا فرضنا بقاء النهى، فلا محيص عن خروج هذا الفراد عن حيز الامر - وبعبارة أخرى - لم يظهر لي وجه الفرق بين هذا المورد من موارد التزاحم