لا الجمع في الترك، فالصور الثلاث الأخيرة معقولة ولابد في كل مورد من ملاحظة الدليل.
ويترتب على هذا ثمرة في ما إذا شك في صدق الطبيعة التي امر بتركها على فعل خارجي لشبهة موضوعية، إذ في الصورة الأولى من الصور المعقولة، تجرى البراءة عن وجوب ترك ذلك الفعل، عقلا وشرعا لرجوع الشك فيه، إلى الشك في جعل حكم مستقل، وفى الصورة الثانية، جريان البراءة يبتنى على جريانها في الأقل والأكثر الارتباطيين، وفى الصورة الثالثة لا يجرى، لأنه شك في المحصل، اللهم الا ان يلتزم بجريانها فيما إذا كان بيان المحصل وظيفة الشارع، وتمام الكلام في ذلك محرر في مسألة اللباس المشكوك فيه.
وربما تكون المفسدة في الفعل لا المصلحة في الترك، وفى هذا المورد لا معنى للامر بالترك، بل لا مناص عن النهى عن الفعل، فما أفيد في الايراد من أن الامر بالفعل والنهى عنه يشتركان في المتعلق والاختلاف بينهما انما هو في الموضوع له وانه في كل منهما شئ يباين الاخر تام.
واما الدعوى الثانية وهي ان الفرق بينهما ليس ما ذكر من أن الامر موضوع للطلب والنهى موضوع للزجر والمنع عن الفعل، بل الفرق بينهما من ناحية أخرى. اما في الامر فقد مر في مبحث الأوامر، ان الطلب الذي بمعنى التصدي نحو المطلوب يكون من العناوين التي تنطبق على الامر بعد تحققه ويكون الامر مصداقا له لا انه المعنى الموضوع له والمستعمل فيه، وان الطلب الانشائي مما لا نتعقله.
بل حقيقة الامر اما عبارة عما افاده الأستاذ من أنه عبارة عن اعتبار كون المأمور به في ذمة المكلف من جهة اشتماله على مصلحة ملزمة وابراز ذلك الاعتبار في الخارج بمبرز كصيغة الامر أو ما يشبهها فالصيغة أو ما شابهها وضعت للدلالة على ابراز ذلك الامر الاعتباري النفساني، وهو اعتبار الشارع الفعل على ذمة المكلف، أو ما اختاره المشهور وهو انه عبارة عن ابراز الشوق النفساني بالفعل، فالصيغة أو ما شاكلها وضعت للدلالة على ابراز شوق المتكلم بصدور الفعل عن المأمور.