بعض الوجودات إلى بعض: ان مثل هذا التكليف لغو: إذا لا يوجد مكلف يوجد جميع الافراد فلا محالة يترك بعضها، فيبقى الاحتمال الأول والأخير، وعلى كل تقدير يجب ترك جميع الوجودات اما على الأول فواضح، واما على الأخير، فلان كل فرد وجد فهو أول الوجودات واما المورد الثاني: وهو انه لماذا يقال باقتضاء النهى لترك جميع الافراد الطولية، فقد ظهر حكمه مما ذكرناه، بضميمة ان مقتضى اطلاق النهى عدم اختصاصه بزمان خاص، بل لا يكون للزمان دخل في هذا الحكم: إذ على ذلك بعد فرض عدم كون المفسدة في مجموع الوجودات ولا في قسم خاص من الطبيعة، كانت المفسدة في جميع الوجودات، أم في أول ما يوجد، كان اللازم ترك جميع الافراد كما لا يخفى واما المورد الثالث: وهو انه إذا خولف النهى وتحقق أول الوجودات لماذا يجب الترك في الأزمنة المتأخرة.
أقول ان الحكم في هذا المورد، يدور مدار كون المفسدة في جميع الوجودات، و كونها في أول الوجودات، إذ على الأول يجب الترك وعلى الثاني لا يجب، والمدعى ان الظاهر من دليل النواهي كون المفسدة من قبيل الأول، خلاف ما هو ظاهر دليل الامر:
فان ظاهره كون المصلحة في صرف الوجود لا في جميع الوجودات ولنا في اثبات الفرق وكون النهى من قبيل الأول طريقان:
الأول: الغلبة الموافقة للارتكاز والفهم العرفي، فان الغالب ترتب المصلحة على صرف الوجود، والمفسدة القائمة بالطبيعة التي لم يؤخذ فيها قيد من القيود بجميع الوجودات، وان شئت فاختبر ذلك من حال نفسك فيما إذا رأيت مصلحة في فعل من عبدك ومفسدة فيه بالنسبة إلى الاخر وهذه الغلبة قرينة عامة على أن النهى متعلق بكل فرد بحيث لو كان متعلقا بصرف الوجود كان محتاجا إلى نصب قرينة عليه، والامر بعكس ذلك، وهذا الفرق انما نشأ من قبل المصلحة والمفسدة لا من قبل الأمر والنهي، ولا من قبل متعلقهما.
الثاني: ان التقييد بأول الوجودات مخالف للاطلاق في كلا الموردين، بل