فهي في ذلك اليوم ضعيفة مسترخية. قال الزجاج: يقال لكل ما ضعف جدا وقد وهى فهو واه، وقال الفراء:
وهيها تشققها (والملك على أرجائها) أي جنس الملك على أطرافها وجوانبها، وهي جمع رجى مقصور وتثنيته رجوان مثل قفا وقفوان، والمعنى: أنها لما تشققت السماء، وهي مساكنهم لجئوا إلى أطرافها. قال الضحاك:
إذا كان يوم القيامة أمر الله السماء الدنيا فتشققت، وتكون الملائكة على حافاتها حتى يأمرهم الرب فينزلون إلى الأرض ويحيطون بالأرض ومن عليها. وقال سعيد بن جبير: المعنى والملك على حافات الدنيا: أي ينزلون إلى الأرض وقيل إذا صارت السماء قطعا يقف الملائكة على تلك القطع التي ليست متشققة في أنفسها (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) أي يحمله فوق رؤوسهم يوم القيامة ثمانية أملاك، وقيل ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم عددهم إلا الله عز وجل، وقيل ثمانية أجزاء من تسعة أجزاء من الملائكة، قاله الكلبي وغيره (يومئذ تعرضون) أي تعرض العباد على الله لحسابهم، ومثله - وعرضوا على ربك صفا -، وليس ذلك العرض عليه سبحانه ليعلم به ما لم يكن عالما به. وإنما هو عرض الاختبار والتوبيخ بالأعمال وجملة (لا تخفى منكم خافية) في محل نصب على الحال من ضمير تعرضون: أي تعرضون حال كونه لا يخفى على الله سبحانه من ذواتكم أو أقوالكم وأفعالكم خافية كائنة ما كانت، والتقدير: أي نفس خافية أو فعلة خافية.
وقد أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال (الحاقة) من أسماء القيامة. وأخرج الفريابي وعبد ابن حميد وابن جرير عنه قال: ما أرسل الله شيئا من ريح إلا بمكيال، ولا قطرة من ماء إلا بمكيال إلا يوم نوح ويوم عاد. فأما يوم نوح فإن الماء طغى على خزانه فلم يكن لهم عليه سبيل، ثم قرأ - إنا لما طغا الماء - وأما يوم عاد فإن الريح عتت على خزانها فلم يكن لهم عليها سبيل، ثم قرأ (بريح صرصر عاتية). وأخرج ابن جرير عن علي بن أبي طالب نحوه. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور ". وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر مرفوعا: " قال ما أمر الخزان على عاد إلا مثل موضع الخاتم من الريح، فعتت على الخزان فخرجت من نواحي الأبواب، فذلك قوله (بريح صرصر عاتية) قال: عتوها عتت على الخزان ". وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (بريح صرصر عاتية) قال: الغالبة. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود في قوله (حسوما) قال: متتابعات. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير من طرق عن ابن عباس في قوله (حسوما) قال: تباعا، وفي لفظ: متتابعات. وأخرج ابن المنذر عنه (كأنهم أعجاز نخل) قال: هي أصولها، وفي قوله (خاوية) قال: خربة. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عنه أيضا في قوله (إنا لما طغى الماء) قال: طغى على خزانه فنزل، ولم ينزل من السماء ماء إلا بمكيال أو ميزان إلا زمن نوح فإنه طغى على خزانه فنزل بغير كيل ولا وزن. وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية من طريق مكحول عن علي بن أبي طالب " في قوله (وتعيها أذن واعية) قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: سألت الله أن يجعلها أذنك يا علي، فقال علي: ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا فنسيته " قال ابن كثير: وهو حديث مرسل. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والواحدي وابن مردويه وابن عساكر وابن النجار عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلى " إن الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك، وأن أعلمك، وأن تعي، وحق لك أن تعي، فنزلت هذه الآية (وتعيها أذن واعية) فأنت أذن واعية، لعلى " قال ابن كثير: ولا يصح. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عمر في قوله (أذن واعية) قال: