وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله (فتعالى الله عما يشركون) هذا فصل من آية آدم خاصة في آلهة العرب. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك نحوه. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن الحسن في الآية قال هذا في الكفار يدعون الله فإذا آتاهما صالحا هودا أو نصرا، ثم قال (أيشركون مالا يخلق شيئا وهم يخلقون) يقول يطيعون مالا يخلق شيئا، وهي الشياطين لا تخلق شيئا وهي تخلق (ولا يستطيعون لهم نصرا) يقول لمن يدعوهم.
سورة الأعراف الآية (193 - 198) قوله (وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم) هذا خطاب للمشركين: أي إن وتدعوا هؤلاء الشركاء إلى الهدى والرشاد بأن تطلبوا منهم أن يهدوكم ويرشدوكم لا يتبعوكم ولا يجيبوكم إلى ذلك، وهو دون ما تطلبونه منهم من جلب النفع ودفع الضر، والنصر على الأعداء. قال الأخفش معناه وإن تدعوهم: أي الأصنام إلى الهدى لا يتبعوكم، وقيل المراد من سبق في علم الله أنه لا يؤمن. وقرئ " لا يتبعوكم " مشددا ومخففا وهما لغتان، وقال بعض أهل اللغة أتبعه مخففا: إذا مضى خلفه ولم يدركه، واتبعه مشددا: إذا مضى خلفه فأدركه، وجملة (سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون) مقررة لمضمون ما قبلها: أي دعاؤكم لهم عند الشدائد وعدمه سواء لا فرق بينهما، لأنهم لا ينفعون ولا يضرون ولا يسمعون ولا يجيبون، وقال (أم أنتم صامتون) مكان أصمتم لما في الجلمة الإسمية من المبالغة.
وقال محمد بن يحيى: إنما جاء بالجملة الإسمية لكونها رأس آية، يعني لمطابقة (ولا أنفسهم ينصرون) وما قبله قوله (إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم) أخبرهم سبحانه بأن هؤلاء الذين جعلتموهم آلهة هم عباد لله كما أنتم عباد له مع أنكم أكمل منهم، لأنكم أحياء تنطقون وتمشون وتسمعون وتبصرون، وهذه والأصنام ليست كذلك، ولكنها مثلكم في كونها مملوكة لله مسخرة لأمره، وفي هذا تقريع لهم بالغ وتوبيخ لهم عظيم وجملة فادعوهم فليستجيبوا لكم مقررة لمضمون ما قبلها من أنهم إن دعوهم إلى الهدى لا يتبعوهم، وأنهم لا يستطيعون شيئا: أي ادعوا هؤلاء الشركاء، فإن كانوا كما تزعمون (فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين) فيما تدعونه لهم من قدرتهم على النفع والضر، والاستفهام في قوله (ألهم أرجل) وما بعده للتقريع والتوبيخ: أي هؤلاء الذين جعلتموهم شركاء ليس لهم شئ من الآلات التي هي ثابتة لكم فضلا عن أن يكونوا قادرين على ما تطلبونه منهم، فإنهم كما ترون هذه الأصنام التي تعكفون على عبادتها ليست لهم (أرجل يمشون بها) في نفع أنفسهم فضلا عن أن يمشوا في نفعكم وليس (لهم أيد يبطشون بها) كما يبطش غيرهم من الأحياء، وليس (لهم أعين يبصرون بها) كما تبصرون، وليس