سورة الأنعام الآية (24 - 30) قوله (ويوم نحشرهم) قرأ الجمهور بالنون في الفعلين. وقرئ بالياء فيهما. وناصب الظرف محذوف مقدر متأخرا: أي يوم نحشرهم كان كيت وكيت. والاستفهام في (أين شركاؤكم) للتقريع والتوبيخ للمشركين.
وأضاف الشركاء إليهم. لأنها لم تكن شركاء لله في الحقيقة بل لما سموها شركاء أضيفت إليهم، وهي ما كانوا يعبدونه من دون الله أو يعبدونه مع الله. قوله (الذين كنتم تزعمون) أي تزعمونها شركاء، فحذف المفعولان معا، ووجه التوبيخ بهذا الاستفهام أن معبوداتهم غابت عنهم في تلك الحال أو كانت حاضرة ولكن لا ينتفعون بها بوجه من الوجوه. فكان وجودها كعدمها. قوله (ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين) قال الزجاج:
تأويل هذه الآية أن الله عز وجل أخبر بقصص المشركين وافتتانهم بشركهم، ثم أخبر أن فتنتهم لم تكن حتى رأوا الحقائق إلا أن انتفوا من الشرك. ونظير هذا في اللغة أن ترى إنسانا يحب غاويا. فإذا وقع في هلكة تبرأ منه فتقول: ما كانت محبتك إياه إلا أن تبرأت منه انتهى. فالمراد بالفتنة على هذا كفرهم: أي لم تكن عاقبة كفرهم الذي افتخروا به وقاتلوا عليه إلا ما وقع منهم من الجحود والحلف على نفيه بقولهم (والله ربنا ما كنا مشركين) وقيل المراد بالفتنة هنا جوابهم: أي لم يكن جوابهم إلا الجحود والتبري. فكان هذا الجواب فتنة لكونه كذبا، وجملة (ثم لم تكن فتنتهم) معطوفة على عامل الظرف المقدر كما مر والاستثناء مفرغ، وقرئ فتنتهم بالرفع وبالنصب، ويكن وتكن والوجه ظاهر. وقرئ (وما كان فتنتهم) وقرئ (ربنا) بالنصب على النداء (انظر كيف كذبوا على أنفسهم) بإنكار ما وقع منهم في الدنيا من الشرك (وضل عنهم ما كانوا يفترون) أي زال وذهب افتراؤهم وتلاشى وبطل ما كانوا يظنونه من أن الشركاء يقربونهم إلى الله. هذا على أن ما مصدرية، وقيل هي موصولة عبارة عن الآلهة: أي فارقهم ما كانوا يعبدون من دون الله فلم يغن عنهم شيئا، وهذا تعجيب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من حالهم المختلفة ودعواهم المتناقضة، وقيل لا يجوز أن يقع منهم كذب في الآخرة لأنها دار لا يجرى فيها غير الصدق. فمعنى (والله ربنا ما كنا مشركين) نفى شركهم عند أنفسهم، وفى اعتقادهم ويؤيد هذا قوله تعالى - ولا يكتمون الله حديثا -. قوله (ومنهم من يستمع إليك) هذا كلام مبتدأ لبيان