العدو نفل الربع، وإذا أقبل راجعا وكل الناس نفل الثلث، وكان يكره الأنفال ويقول: ليرد قوى المسلمين على ضعيفهم. وأخرج إسحاق بن راهويه في مسنده وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي أيوب الأنصاري قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سرية فنصرها الله وفتح عليها، فكان من آتاه بشئ نفله من الخمس، فرجع رجال كانوا يستقدمون ويقتلونه ويأسرون وتركوا الغنائم خلفهم، فلم ينالوا من الغنائم شيئا، فقالوا: يا رسول الله ما بال رجال منا يستقدمون ويأسرون، وتخلف رجال لم يصلوا بالقتال فنفلتهم بالغنيمة؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونزل (يسألونك عن الأنفال) الآية، فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال " ردوا ما أخذتم واقتسموا بالعدل والسوية فإن الله يأمركم بذلك، فقالوا: قد أنفقنا وأكلنا، فقال احتسبوا ذلك " وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن سعد بن أبي وقاص قال قلت: يا رسول الله قد شفاني الله اليوم من المشركين، فهب لي هذا السيف، فقال: " إن هذا السيف لا لك ولا لي، ضعه، فوضعته، ثم رجعت قلت عسى يعطي هذا السيف اليوم من لا يبلى بلائي إذا رجل يدعوني من ورائي، قلت: قد أنزل الله في شيئا؟ قال: كنت سألتني هذا السيف وليس هو لي، وإنه قد وهب لي فهو لك " وأنزل الله هذه الآية (يسألونك عن الأنفال) وفي لفظ لأحمد أن سعدا قال: لما قتل أخي يوم بدر وقتلت سعيد بن العاص وأخذت سيفه وكان يسمى ذا الكنيفة فأتيت به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم ذكر نحو ما تقدم وقد روى هذا الحديث عن سعد من وجوه أخر. وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن الناس سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الغنائم يوم بدر فنزلت (يسألونك عن الأنفال). وأخرج ابن مردويه عنه قال: لم ينفل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد إذ نزلت عليه (يسألونك عن الأنفال) إلا من الخمس فإنه نفل يوم خيبر من الخمس. وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن حبان وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال لما كان يوم بدر قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم " من قتل قتيلا فله كذا وكذا، ومن أسر أسيرا فله كذا وكذا، فأما المشيخة فثبتوا تحت الرايات، وأما الشبان فسارعوا إلى القتل والغنائم، فقالت المشيخة للشبان: أشركونا معكم فإنا كنا لكم ردءا، ولو كان منكم شئ للجأتم إلينا، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فنزلت (يسألونك عن الأنفال) الآية، فقسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم الغنائم بينهم بالسوية ". وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله (يسألونك عن الأنفال) قال: الأنفال المغانم، كانت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خالصة ليس لأحد منها شئ ما أصاب من سرايا المسلمين من شئ أتوه به، فمن حبس منه إبرة أو سلكا فهو غلول فسألوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يعطيهم منها شيئا فأنزل الله (يسألونك عن الأنفال قل الأنفال) لي جعلتها لرسولي ليس لكم فيها شئ (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم) إلى قوله (إن كنتم مؤمنين) ثم أنزل الله - واعلموا أنما غنمتم من شئ - الآية، ثم قسم ذلك الخمس لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولذي القربى واليتامى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله، وجعل أربعة أخماس الناس فيه سواء، للفرس سهمان، ولصاحبه سهم، وللراجل سهم. وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن ابن عباس في قوله (يسألونك عن الأنفال) قال: هي الغنائم، ثم نسخها - واعلموا أنما غنمتم من شئ - الآية. وأخرج مالك وابن أبي شيبة وأبو عبيد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس وأبو الشيخ وابن مردويه عن القسم بن محمد قال: سمعت رجلا
(٢٨٤)