وبعونه تعالى كان أيضا المؤلف الذي أغنى المكتبة الإسلامية بعدد كبير من المؤلفات في شتى فنون العلم، مما لا يتيسر لأحد تصنيف مثله إلا إذا أوتي الهمة العالية والذكاء الفذ، والعون من الله سبحانه وتعالى.
وقد تحدث عنه علماؤنا الأفذاذ بكثير من الإعجاب والاعتراف له بالفضل والتقدير، * - قال أبو عبد الله الدبيثي في تاريخه:
شيخنا جمال الدين صاحب التصانيف في فنون العلوم من التفسير والفقه والحديث والتواريخ وغير ذلك.
وإليه انتهت معرفة الحديث وعلومه، والوقوف على صحيحه من سقيمه، وكان من أحسن الناس كلاما، وأتمهم نظاما، وأعذبهم لسانا، وأجودهم بيانا.
* - وقال عنه الحافظ الذهبي:
ثم لما ترعرع حملته عمته إلى ابن ناصر، فأسمعه الكثير.
وأحب الوعظ وهو مراهق فوعظ الناس وهو صبي، ثم ما زال نافق السوق، معظما متغاليا فيه، مضروبا برونق وعظه المثل، كما له في ازدياد اشتهار إلى أن مات رحمه الله وسامحه فليته لم يخض في التأويل ولا خالف إمامه.
وقال:
وكان ذا حظ عظيم وصيت بعيد في الوعظ يحضر مجالسه الملوك والوزراء وبعض الخلفاء والأئمة الكبراء، لا يكاد المجلس ينقص عن ألوف كثيرة حتى قيل في بعض مجالسه: إنه حزر الجمع بمائة الف.
وقال الحافظ الذهبي أيضا:
ما علمت أن أحدا من العلماء صنف ما صنف هذا الرجل.
* - وقال سبطه أبو المظفر في مرآة الزمان 8 / 482:
سمعت جدي على المنبر يقول:
بإصبعي هاتين كتبت ألفي مجلدة، وتاب على يدي مائة ألف، وأسلم على يدي عشرون ألفا.
* - وقال ابن خلكان:
كان علامة عصره، وإمام وقته في الحديث وصناعة الوعظ، صنف في فنون كثيرة منها " زاد المسير في علم التفسير " أربعة أجزاء، أتى فيه بأشياء غريبة، وله في الحديث تصانيف كثيرة، وله " المنتظم " في التاريخ وهو كبير، وله " الموضوعات " في أربعة أجزاء.