ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد (207) قوله [تعالى]: (ومن الناس من يشري نفسه) اختلفوا فيمن نزلت هذه الآية على خمسة أقوال:
أحدها: أنها نزلت في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وهو معنى قول عمر وعلي عليهما السلام.
والثاني: أنها نزلت في الزبير والمقداد حين ذهبا لإنزال خبيب من خشبته، وقد شرحنا القصة.
وهذا قول ابن عباس والضحاك.
والثالث: أنها نزلت في صهيب الرومي، واختلفوا في قصته، فروي أنه أقبل مهاجرا نحو النبي، [صلى الله عليه وآله وسلم]، فاتبعه نفر من قريش، فنزل، فانتثل كنانته، وقال: قد علمتم أني من أرماكم بسهم، وأيم الله لا تصلون إلي حتى أرميكم بكل سهم معي، ثم أضربكم بسيفي ما بقي في يدي منه شئ، فإن شئتم دللتكم على مالي. قالوا: فدلنا على مالك نخل عنك، فعاهدهم على ذلك، فنزلت فيه هذه الآية، فلما رآه النبي [صلى الله عليه وآله وسلم] قال: " ربح البيع أبا يحيى "؟ وقرأ عليه القرآن. هذا قول سعيد بن المسيب، وذكر نحوه أبو صالح عن ابن عباس، وقال: إن الذي تلقاه فبشره بما نزل فيه أبو بكر الصديق. وذكر مقاتل أنه قال للمشركين: أنا شيخ كبير لا يضركم إن كنت معكم أو عليكم، ولي عليكم حق لجواري فخذوا مالي غير راحلة، واتركوني وديني، فاشترط أن لا يمنع عن صلاة ولا هجرة، فأقام ما شاء الله، ثم ركب راحلته، فأتى المدينة مهاجرا فلقيه أبو بكر، فبشره وقال: نزلت فيك هذه الآية. وقال عكرمة: انها نزلت في صهيب، وأبي ذر الغفاري، فأما صهيب، فأخذه أهله فافتدى بماله، وأما أبو ذر، فأخذه أهله فأفلت منهم حتى قدم مهاجرا.
والرابع: أنها نزلت في المجاهدين في سبيل الله، قاله الحسن وابن زيد في آخرين.
والخامس: أنها نزلت في المهاجرين والأنصار حين قاتلوا على دين الله حتى ظهروا، هذا قول قتادة و " يشري " كلمة من الأضداد، يقال: شرى، بمعنى: باع، وبمعنى: اشترى. فمعناها على قول من قال: نزلت في صهيب، معنى، يشتري. وعلى بقية الأقوال بمعنى: يبيع.
يبيع.