على كفالتها، لأنها كانت بنت سيدهم وإمامهم عمران، كذلك قال قتادة في آخرين، وأن زكريا ظهر عليهم بالقرعة منذ طفولتها بغير قرعة المحراب، فقال أبو عبيدة: المحراب سيد المجالس، ومقدمها، وأشرفها، وكذلك هو من المسجد. وقال الأصمعي: المحراب هاهنا: الغرفة. وقال الزجاج: المحراب في اللغة: الموضع العالي الشريف.
قال الشاعر:
ربة محراب إذا جئتها * لم ألقها أو أرتقي سلما قوله [تعالى]: (وجد عندها رزقا) قال ابن عباس: ثمار الجنة، فاكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف، وهذا قول الجماعة.
قوله [تعالى]: (أنى لك هذا) أي: من أين؟ قال الربيع بن أنس: كان زكريا إذا خرج، أغلق عليها سبعة أبواب، فإذا دخل وجد عندها رزقا. وقال الحسن: لم ترتضع ثديا قط، وكان يأتيها رزقها من الجنة، فيقول زكريا: أنى لك هذا؟ فتقول: هو من عند الله، فتكلمت وهي صفيرة وزعم مقاتل أن زكريا استأجر لها ظئرا، وعلى ما ذكرنا عن ابن إسحاق يكون قوله لها: أنى لك هذا؟ لاستكثار ما يرى عندها. وما عليه الجمهور أصح. والحساب في اللغة: التقتير والتضييق.
هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء (38) قوله [تعالى]: (هنالك دعا زكريا) قال المفسرون: لما عاين زكريا هذه الآية العجيبة من رزق الله تعالى مريم الفاكهة في غير حينها، طمع في الولد على الكبر. و (من لدنك) بمعنى: من عندك. والذرية، تقال للجمع، وتقال للواحد، والمراد بها هاهنا: الواحد. قال الفراء: وإنما قال طيبة، لتأنيث الذرية، والمراد بالطيبة: النقية الصالحة. والسميع: بمعنى السامع. وقيل: أراد مجيب الدعاء.
فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين (39) قوله [تعالى]: (فنادته الملائكة) قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر:
فنادته بالتاء، وقرأ حمزة، والكسائي: فناداه بألف ممالة، قال أبو علي: هو كقوله [تعالى]: (وقال نسوة). وقرأ علي، وابن مسعود، وابن عباس: " فناداه " بألف. وفي الملائكة قولان: