والرابع: أنها تشمل جميع ذلك. قال ابن قتيبة: هي الأسباب التي كانوا يتواصلون بها في الدنيا، فأما تسميتها بالأسباب، فالسبب في اللغة: الحبل، ثم قيل لكل ما يتوصل به إلى المقصود:
سبب. والكرة: الرجعة إلى الدنيا، قاله ابن عباس، وقتادة في آخرين (فنتبرأ منهم) يريدون: من القادة (كما تبرؤوا منا) في الآخرة. (كذلك يريهم الله أعمالهم) [قال الزجاج: أي: كتبرؤ بعضهم من بعض، يريهم الله أعمالهم] حسرات عليهم، لأن أعمال الكافر لا تنفعه، وقال ابن الأنباري: يريهم الله أعمالهم القبيحة حسرات عليهم إذا رأوا أحسن المجازاة للمؤمنين بأعمالهم، قال: ويجوز أن يكون: كذلك يريهم الله ثواب أعمالهم وجزاءها، فحذف الجزاء وأقام الأعمال مقامه. قال ابن فارس: والحسرة: التلهف على الشئ الفائت. وقال غيره: الحسرة: أشد الندامة.
يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين (168) قوله تعالى: (يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا) نزلت في ثقيف، وخزاعة، وبني عامر بن صعصعة، حرموا على أنفسهم من الحرث والأنعام، وحرموا البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحام، قاله ابن السائب.
قوله [تعالى]: (ولا تتبعوا خطوات الشيطان) قرأ ابن كثير، وابن عامر، والكسائي، وحفص عن عاصم (خطوات) مثقلة. وقرأ نافع، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم، وحمزة (خطوات) ساكنة الطاء خفيفة. وقرا الحسن، وأبو الجوزاء (خطوات) بفتح الخاء وسكون الطاء من غير همز.
وقرأ أبو عمران الجوني بضم الخاء والطاء مع الهمز. قال ابن قتيبة: خطواته: سبيله ومسلكه، وهي جمع خطوة، والخطوة بضم الخاء: ما بين القدمين، وبفتحها: الفعلة الواحدة. واتباعهم خطواته:
أنهم كانوا يحرمون أشياء قد أحلها الله، ويحلون أشياء قد حرمها الله.
[قوله تعالى]: (إنه لكم عدو مبين) أي: بين. وقيل: أبان عداوته بما جرى له مع آدم.
إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله مالا تعلمون (169) [قوله تعالى]: (إنما يأمركم بالسوء) السوء: كل إثم وقبح. قال ابن عباس: وإنما سمي سوءا، لأنه تسوء عواقبه، وقيل: لأنه يسوء إظهاره (والفحشاء) من: فحش الشئ: إذا جاز قدره.