بعض أهل التفسير. قال أبو بكر النقاش: ومعنى قوله: (ذرية بعضها من بعض) أن الأبناء ذرية للآباء، والآباء ذرية للأبناء. كقوله [تعالى]: (حملنا ذريتهم في الفلك المشحون)، فجعل الآباء ذرية للأبناء، وإنما جاز ذلك، لأن الذرية مأخوذة من: ذرأ الله الخلق، فسمي الولد للوالد ذرية، لأنه ذرئ منه، وكذلك يجوز أن يقال للأب: ذرية للابن، لأن ابنه ذرئ منه، فالفعل يتصل به من الوجهين، ومثله: (يحبونهم كحب الله) فأضاف الحب إلى الله، والمعنى: كحب المؤمن لله، ومثله (ويطعمون الطعام على حبه)، فأضاف الحب إلى للطعام.
إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم (35) قوله [تعالى]: (إذ قالت امرأة عمران) في " إذ " قولان:
أحدهما: أنها زائدة، واختاره أبو عبيدة، وابن قتيبة.
والثاني: أنها أصل في الكلام، وفيها ثلاثة أقوال:
أحدها: أن المعنى: اذكر إذ قالت امرأة عمران، قاله المبرد، والأخفش،.
والثاني: أن العامل في (إذ قالت) معنى الاصطفاء، فيكون المعنى: اصطفى آل عمران، إذ قالت امرأة عمران، واصطفاهم إذ قالت الملائكة: يا مريم، هذا اختيار الزجاج.
والثالث: أنها من صلة " سميع " تقديره: والله سميع إذ قالت، وهذا اختيار ابن جرير الطبري.
قال ابن عباس: واسم امرأة عمران حنة، وهي أم مريم، وهذا عمران بن مأتان، وليس ب " عمران أبي موسى " وليست هذه مريم أخت موسى. وبين عيسى وموسى ألف وثمانمائة سنة. والمحرر:
العتيق. قال ابن قتيبة: يقال: أعتقت الغلام، وحررته: سواء. وأرادت: أي نذرت أن أجعل ما في بطني محررا من التعبيد الدنيا، ليعبدك. وقال الزجاج: كان على أولادهم فرضا أن يطيعوهم في نذرهم، فكان الرجل ينذر في ولده أن يكون خادما في متعبدهم. وقال ابن إسحاق: كان السبب في نذرها أنه أمسك عنها الولد حتى أسنت، فرأت طائرا يطعم فرخا له، فدعت الله أن يهب لها ولدا، وقالت: اللهم لك علي إن ترزقني ولدا أن أتصدق به على بيت المقدس، فحملت بمريم، وهلك عمران، وهي حامل. قال القاضي أبو يعلى: والنذر في مثل ما نذرت صحيح في شريعتنا، فإنه إذا نذر الإنسان أن ينشئ ولده الصغير على عبادة الله وطاعته، وأن يعلمه القرآن، والفقه، وعلوم الدين، صح النذر.