والثالث: يدعوهم إلى ما يصيرون به أزكياء.
قوله [تعالى]: (إنك أنت العزيز) قال الخطابي: العز في كلام العرب على ثلاثة أوجه:
أحدها: بمعنى الغلبة، يقولون: من عزبز. أي: من غلب سلب، يقال منه: عز يعز، بضم العين من يعز، ومنه قوله [تعالى]: (وعزني في الخطاب).
والثاني: بمعنى الشدة والقوة، يقال منه: عز يعز، بفتح العين من يعز.
والثالث: أن يكون بمعنى نفاسة القدر، يقال منه: عز يعز بكسر العين، من يعز ويتأول معنى العزيز على أنه الذي لا يعادله شئ، ولا مثل له.
ومن يرغب من ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين (130) إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين (131) ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون (132) قوله [تعالى]: (ومن يرغب عن ملة إبراهيم).
سبب نزولها: أن عبد الله بن سلام دعا ابني أخيه مهاجرا وسلمة إلى الإسلام، فأسلم سلمة، ورغب عن الإسلام مهاجر، فنزلت هذه الآية، قاله مقاتل. قال الزجاج: و " من " لفظها لفظ الاستفهام، ومعناها التقرير والتوبيخ. والمعنى: ما يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نسفه. ويقال:
رغبت في الشئ: إذا أردته. ورغبت عنه: إذا تركته. وملة إبراهيم: دينه:
قوله [تعالى]: (إلا من سفه) فيه أربعة أقوال:
أحدها: أن معناه: إلا من سفه نفسه، قاله الأخفش ويونس. قال يونس: ولذلك تعدى إلى النفس فنصبها، وقال الأخفش: نصبت النفس لإسقاط حرف الجر، لأن المعنى: إلا من سفه في نفسه.
قال الشاعر:
نغالي اللحم للأضياف نيئا * ونرخصه إذا نضج القدور والثاني: إلا من أهلك نفسه، قاله أبو عبيدة.
والثالث: إلا من سفهت نفسه، كما يقال: غبن فلان راية، وهذا مذهب الفراء وابن قتيبة. قال