ذلك، فنزلت هذه الآية، فاستقبلها الناس جديدا من كان طلق ومن لم يطلق. رواه هشام بن عروة عن أبيه.
فأما التفسير، ففي قوله [تعالى]: (الطلاق مرتان) قولان:
أحدهما: أنه بيان لسنة الطلاق، وأن يوقع في كل قرء طلقة، قاله ابن عباس، ومجاهد.
والثاني: أنه بيان للطلاق الذي يملك معه الرجعة، قاله عروة، وقتادة، وابن قتيبة، والزجاج في آخرين.
قوله [تعالى]: (فإمساك بمعروف) معناه: فالواجب عليكم إمساك بمعروف، وهو ما يعرف من إقامة الحق في إمساك المرأة. وقال عطاء، ومجاهد، والضحاك، والسدي: المراد بقوله [تعالى]: (فإمساك بمعروف): الرجعة بعد الثانية. وفي قوله [تعالى]: (أو تسريح بإحسان) قولان:
أحدهما: أن المراد به: الطلقة الثالثة، قاله عطاء ومجاهد، ومقاتل.
والثاني: أنه الإمساك عن رجعتها حتى تنقضي عدتها، قاله الضحاك، والسدي. قال القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء وهذا الصحيح، أنه قال عقيب الآية: (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) والمراد بهذه الطلقة: الثالثة بلا شك، فيجب إذن أن يحمل قوله [تعالى]: (أو تسريح بإحسان) على تركها حتى تنقضي عدتها، لأنه إن حمل على الثالثة، وجب ان يحمل قوله [تعالى]: (فإن طلقها) على رابعة، وهذا لا يجوز.
فصل الطلاق على أربعة أضرب:
واجب، ومندوب إليه، ومحظور، ومكروه. فالواجب: طلاق المؤلي بعد التربص، إذا لم يف، وطلاق الحكمين في شقاق الزوجين، إذا رأيا الفرقة. والمندوب: إذا لم يتفقا، واشتد الشقاق بينهما، ليتخلصا من الإثم. والمحظور: في الحيض، إذا كانت مدخولا بها، وفي طهر جامعها فيه قبل أن تطهر. والمكروه: إذا كانت حالهما مستقيمة، وكل واحد منهما قيم بحال صاحبه.
قوله [تعالى]: (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا) نزلت في ثابت بن قيس بن شماس، أتت زوجته إلى النبي، صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: والله ما أعيب على ثابت في دين ولا خلق، ولكني لا أطيقه بغضا. فقال لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " أتردين عليه حديقته؟ " قالت: نعم. فأمره النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أن يأخذها،