هذه القصة احتجاج على اليهود إذ أخبرهم النبي [صلى الله عليه وآله وسلم] بأمر لم يشاهدوه، وهم يعلمون صحته واحتجاج على المنكرين للبعث، فدلهم عليه باحياء الموتى في الدنيا، ذكر ذلك جميعه ابن الأنباري.
قوله [تعالى]: (إن الله لذو فضل على الناس) نبه عز وجل بذكر فضله على هؤلاء على فضله على سائر خلقه مع قلة شكرهم.
وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم (244) قوله تعالى: (وقاتلوا في سبيل الله) في المخاطبين بهذا قولان:
أحدهما: أنهم الذين أماتهم الله، ثم أحياهم، قاله الضحاك.
والثاني: انه خطاب لأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم. فمعناه: لا تهربوا من الموت كما هرب هؤلاء، فما ينفعكم الهرب (واعملوا أن الله سميع) لأقوالكم (عليم) بما تنطوي عليه ضمائركم.
من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون (245) قوله [تعالى]: (من ذا الذي يقرض الله) قال الزجاج: أصل القرض ما يعطيه الرجل أو يفعله ليجازى عليه، وأصله في اللغة القطع، ومنه أخذ المقراض. فمعنى أقرضته: قطعت له قطعة يجازيني عليها. فإن قيل: ما وجه تسمية الصدقة قرضا؟ فالجواب من ثلاثة أوجه:
أحدهما: لأن القرض يبدل بالجزاء.
والثاني: لأنه يتأخر قضاؤه إلى يوم القيامة.
والثالث: لتأكيد استحقاق الثواب به، إذ لا يكون قرض إلا والعوض مستحق به. فأما اليهود فإنهم جهلوا هذا، فقالوا: أيستقرض الله منا؟ وأما المسلمون فوثقوا بوعد الله، وبادروا إلى معاملته قال ابن مسعود: لما نزلت هذه الآية، قال أبو الدحداح: وإن الله ليريد منا القرض، فقال النبي [صلى الله عليه وآله وسلم]: نعم. قال: أرني يدك. قال: إني أقرضت ربي حائطي، قال: وحائطه فيه ستمائة نخلة، ثم جاء إلى الحائط، فقال: يا أم الدحداح أخرجي من الحائط، فقد أقرضته ربي. وفي بعض الألفاظ: فعمدت إلى صبيانها تخرج ما في أفواههم، وتنفض ما في أكمامهم، فقال